١٨

٢٠

إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ أي بتسبيحه إذا سبح بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ أي غدوة وعشية والإشراق هو أن تشرق الشمس ويتناهى ضوءها وفسره ابن عباس بصلاة الضحى وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عباس في قوله بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ قال كنت أمر بهذه الآية لا أدري ما هي حتى حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل عليها فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلّى الضحى فقال (يا أم هانئ إن هذه صلاة الإشراق) قلت والذي أخرجاه في الصحيحين من حديث أم هانئ في صلاة الضحى ، قالت أم هانئ : ذهبت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة بنته تستره بثوب فسلمت عليه فقال من هذه قلت أم هانئ بنت أبي طالب فقال مرحبا يا أم هانئ فلما فرغ من غسله قام وصلّى ثمان ركعات ملتحفا بثوب قالت أم هانئ وذلك ضحى) ولهما عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال (ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يصلي الضحى غير أم هانئ فإنها قالت إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلّى ثمان ركعات فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود).

قوله تعالى : وَالطَّيْرَ أي وسخرنا له الطير مَحْشُورَةً أي مجموعة إليه تسبح معه كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلى طاعته مطيع له بالتسبيح معه وَشَدَدْنا مُلْكَهُ أي قويناه بالحرس والجنود ، قال ابن عباس كان أشد ملوك الأرض سلطانا كان يحرس محرابا كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل. وروي عن ابن عباس أن رجلا من بني إسرائيل ادعى على رجل من عظمائهم ، عند داود عليه الصلاة والسلام فقال هذا غصبني بقرة فسأله داود فجحده فسأل الآخر البينة فلم يكن له بينة فقال لهما داود قوما حتى أنظر في أمركما فأوحى اللّه إلى داود في منامه أن اقتل المدعى عليه فقال هذه رؤيا ولست أعجل عليه حتى أتثبت فأوحي إليه مرة أخرى فلم يفعل فأوحي إليه الثالثة أن

يقتله أو تأتيه العقوبة فأرسل إليه داود فقال إن اللّه عز وجل أوحى إليّ أن أقتلك فقال تقتلني بغير بينة فقال داود نعم واللّه لأنفذن أمر اللّه فيك فلما عرف الرجل أنه قاتله ، قال لا تعجل حتى أخبرك إني واللّه ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أوخذت فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند ذلك لداود واشتد به ملكه فذلك

قوله تعالى وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ يعني النبوة والإصابة في الأمور وَفَصْلَ الْخِطابِ قال ابن عباس يعني بيان الكلام وقال ابن مسعود علم الحكم والتبصر بالقضاء وقال علي بن أبي طالب هو أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر لأن كلام الخصوم ينقطع وينفصل به. وقال أبيّ بن كعب فصل الخطاب الشهود والأيمان

وقيل إن فصل الخطاب هو قول الإنسان بعد حمد اللّه تعالى والثناء عليه أما بعد إذا أراد الشروع في كلام آخر وأول من قاله داود عليه الصلاة والسلام.

وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ (٢٢)

﴿ ١٨