٣٧٤٢وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ أي منيع في ملكه ذِي انْتِقامٍ أي منتقم من أعدائه وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ يعني أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم ، وذلك متفق عليه عند جمهور الخلائق فإن فطرة الخلق شاهدة بصحة هذا العلم فإن من تأمل عجائب السموات والأرض وما فيها من أنواع الموجودات علم بذلك أنها من ابتداع قادر حكيم ثم أمره اللّه تعالى أن يحتج عليهم بأن ما يعبدون من دون اللّه لا قدرة لها على جلب خير أو دفع ضر وهو قوله تعالى : قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني الأصنام إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ أي بشدة وبلاء هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ أي بنعمة وخير وبركة هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ فسألهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك فسكتوا فقال اللّه تعالى لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ أي هو ثقتي وعليه اعتمادي عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ أي عليه يثق الواثقون قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ أي اجتهدوا في أنواع مكركم وكيدكم وهو أمر تهديد وتقريع إِنِّي عامِلٌ أي بما أمرت به من إقامة الدين فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ أي أنا وأنتم وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ أي دائم وهو تهديد وتخويف إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يعني القرآن لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ أي ليهتدي به كافة الخلق فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ أي ترجع فائدة هدايته إليه وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها أي يرجع وبال ضلالته عليه وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ أي لم توكل بهم ولا تؤاخذ عنهم قيل هذا منسوخ بآية القتال. قوله تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ أي الأرواح حِينَ مَوْتِها أي فيقبضها عند فناء أكلها وانقضاء أجلها وهو موت الأجساد وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها والنفس التي يتوفاها عند النوم وهي التي يكون بها العقل والتمييز ، ولكل إنسان نفسان نفس هي التي تكون بها الحياة وتفارقه عند الموت وتزول بزوالها الحياة والنفس الأخرى هي التي يكون بها التمييز وهي التي تفارقه عند النوم ولا يزول بزوالها التنفس فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ أي فلا يردها إلى جسدها وَيُرْسِلُ الْأُخْرى أي يرد النفس التي لم يقض عليها الموت إلى جسدها إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي إلى أن يأتي وقت موتها ، وقيل إن للإنسان نفسا وروحا فعند النوم تخرج النفس وتبقى الروح وقال علي بن أبي طالب : تخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعها في الجسد فبذلك يرى الرؤيا فإذا انتبه من النوم عادت الروح إلى الجسد بأسرع من لحظة. وقيل : إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء اللّه تعالى فإذا أرادت الرجوع إلى أجسادها أمسك اللّه تعالى أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها إلى حين انقضاء مدة آجالها (ق). عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم يقول باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين). فإن قلت : كيف الجمع بين قوله تعالى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وبين قوله قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وبين قوله تعالى حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا. قلت : المتوفي في الحقيقة هو اللّه تعالى وملك الموت هو القابض للروح بإذن اللّه تعالى ولملك الموت أعوان وجنود من الملائكة ينتزعون الروح من سائر البدن فإذا بلغت الحلقوم قبضها ملك الموت إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أي في البعث وذلك أن توفي نفس النائم وإرسالها بعد التوفي دليل على البعث وقيل إن في ذلك دليلا على قدرتنا حيث لم نغلط في إمساك ما نمسك من الأرواح وإرسال ما نرسل منها. قوله تعالى : أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥) |
﴿ ٣٧ ﴾