١٣١٩قوله عز وجل : هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ أي عجائب مصنوعاته التي تدل على كمال قدرته وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً يعني المطر الذي هو سبب الأرزاق وَما يَتَذَكَّرُ أي يتعظ بهذه الآيات إِلَّا مَنْ يُنِيبُ أي يرجع إلى اللّه تعالى في جميع أموره فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي الطاعة والعبادة وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. قوله تعالى : رَفِيعُ الدَّرَجاتِ أي رافع درجات الأنبياء والأولياء والعلماء في الجنة وقيل معناه المرتفع أي إنه سبحانه وتعالى هو المرتفع بعظمته في صفات جلاله وكماله ووحدانيته المستغني عن كل ما سواه وكل الخلق فقراء إليه ذُو الْعَرْشِ أي خالقه ومالكه ، والفائدة في تخصيص العرش بالذكر لأنه أعظم الأجسام والمقصود بيان كمال التنبيه على كمال القدرة فكل ما كان أعظم كانت دلالته على كمال القدرة أقوى يُلْقِي الرُّوحَ يعني ينزل الوحي سماه روحا لأن به تحيا الأرواح كما تحيا الأبدان بالأرواح مِنْ أَمْرِهِ قال ابن عباس : من قضائه وقيل بأمره وقيل من قوله عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعني الأنبياء لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يعني لينذر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالوحي يوم التلاق وهو يوم القيامة لأنه يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض ، وقيل يلتقي الخلق والخالق وقيل يلتقي العابدون والمعبودون وقيل يلتقي المرء مع عمله وقيل يلتقي الظالم والمظلوم يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ أي خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ أي من أعمالهم وأحوالهم ، فإن قلت إن اللّه تعالى لا يخفى عليه شيء في سائر الأيام فما وجه تخصيص ذلك اليوم ، قلت كانوا يتوهمون في الدنيا إذا استتروا بالحيطان والحجب أن اللّه تعالى لا يراهم وتخفى عليه أعمالهم وهم في ذلك اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه في الدنيا لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ أي يقول اللّه عز وجل في ذلك اليوم بعد فناء الخلق لمن الملك فلا أحد يجيبه فيجيب نفسه تعالى فيقول لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ أي الذي قهر الخلق بالموت وقيل إذا حضر الأولون والآخرون في يوم القيامة نادى مناد لمن الملك فيجيبه جميع الخلائق في يوم القيامة لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ فالمؤمنون يقولونه تلذذا حيث كانوا يقولونه في الدنيا ونالوا به المنزلة الرفيعة في العقبى والكفار يقولونه على سبيل الذل والصغار والندامة حيث لم يقولوه في الدنيا الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ يعني يجزى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته لا ظُلْمَ الْيَوْمَ أي إن الخلق آمنون في ذلك اليوم من الظلم لأن اللّه تعالى ليس بظلام للعبيد إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ أي إنه تعالى لا يشغله حساب عن حساب بل يحاسب الخلق كلهم في وقت واحد. قوله تعالى : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ يعني يوم القيامة سميت آزفة لقرب وقتها وكل ما هو آت فهو قريب إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ وذلك أنها تزول عن أماكنها من الخوف حتى تصير إلى الحناجر فلا هي تعود إلى أماكنها ولا هي تخرج من أفواههم فيموتوا ويستريحوا كاظِمِينَ أي مكروبين ممتلئين خوفا وحزنا حتى يضيق القلب عنه ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ أي من قريب ينفعهم وَلا شَفِيعٍ أي يشفع لهم يُطاعُ أي فيهم يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل وقيل هو نظر الأعين لما نهى اللّه عنه وَما تُخْفِي الصُّدُورُ أي يعلم مضمرات القلوب. وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) |
﴿ ١٣ ﴾