١٨

٢٠

أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أعلم اللّه أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب وعبد الرّحمن مؤمن من أفاضل المؤمنين فلا يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب أي وجب عليهم العذاب فِي أُمَمٍ أي مع أمم قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا قال ابن عباس : يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممن تخلف عنه ولو ساعة

وقيل لكل واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين والبار والعاق درجات يعني منازل ومراتب عند اللّه يوم القيامة بأعمالهم فيجازيهم عليها قيل درجات الجنة تذهب إلى علو ودرجات النار تذهب إلى أسفل وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ يعني جزاء أعمالهم وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ

قوله عز وجل :

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ يعني يجاء بهم فيكشف لهم عنها ويقال لهم أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها يعني أن كل ما قدر لكم من الطيبات واللذات فقد أفنيتموه في الدنيا وتمتعتم به فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم منها شيء فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أي الذي فيه ذل وخزي بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ علق هذا العذاب بأمرين ،

أحدهما : الاستكبار وهو الترفع ، ويحتمل أن يكون عن الإيمان ،

والثاني : الفسق وهو المعاصي ، والأول من عمل القلوب ،

والثاني من عمل الجوارح.

(فصل) لما وبخ اللّه تعالى الكافرين بالتمتع بالطيبات ، آثر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه والصالحون بعدهم اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة

(ق) (عن عمر بن الخطاب قال : دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فإذا هو متكئ على رمال حصير قد أثر في جنبه ، ف

قلت : أستأنس يا رسول اللّه. قال : نعم فجلست ، فرفعت رأسي في البيت ، فو اللّه ما رأيت فيه شيئا يرد البصر إلا أهبة ثلاثة ، ف

قلت : ادع اللّه أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم ولا يعبدون اللّه فاستوى جالسا ثم قال : أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا فقلت استغفر لي يا رسول اللّه

(ق). (عن عائشة قالت : ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم)

(ق) (عنها قالت : كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا إنما هو الأسودان التمر والماء إلا أن نؤتى باللحيم)

وفي رواية أخرى قالت : (إنا كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نار. قال عروة :

قلت : يا خالة فما كان يعيشكم؟ قالت : الأسودان التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جيران من الأنصار وكانت لهم منائح فكانوا يرسلون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ألبانها فيسقينا) عن ابن عباس قال : (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير) أخرجه الترمذي وله عن أنس قال : (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقد أخفت في اللّه ما لم يخف أحد وأوذيت في اللّه ما لم يؤذ أحد ولقد أتى عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة وما لي ولبلال طعام إلا شيء يواري إبط بلال

(خ). (عن أبي هريرة قال : لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار

وإما كساء قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته)

(خ). (عن إبراهيم بن عبد الرّحمن أن عبد الرّحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائما فقال : قتل مصعب بن عمير وهو خير مني فكفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه. قال : وأراه قال : قتل حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد ما يكفن فيه إلا برده. ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط وقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام) وقال جابر بن عبد اللّه : (رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي فقال ما هذا يا جابر؟

قلت : اشتهيت لحما فاشتريته ، فقال عمر : كلما اشتهيت يا جابر اشتريت ، أما تخاف هذه الآية : أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا؟.

وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٣) فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)

﴿ ١٩