٦

٨

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ يعني في إبراهيم ومن معه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي اقتداء حسن لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ أي إن هذه الأسوة لمن يخاف اللّه ويخاف عذاب الآخرة وَمَنْ يَتَوَلَّ أي يعرض عن الإيمان ويوالي الكفار فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ أي عن خلقه الْحَمِيدُ أي إلى أهل طاعته وأوليائه فلما أمر اللّه المؤمنين بعداوة الكفار عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين وأظهروا لهم العداوة والبراءة وعلم اللّه شدة وجد المؤمنين بذلك فأنزل اللّه تعالى عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ أي من كفار مكة مَوَدَّةً ففعل اللّه تعالى ذلك بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وإخوانا وخالطوهم وناكحوهم وتزوج النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أم حبيبة بنت أبي سفيان ولان لهم أبو سفيان وَاللَّهُ قَدِيرٌ أي علي جعل المودة بينكم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي لمن تاب منهم وأسلم ثم رخص في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم

فقال تعالى : لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ أي لا ينهاكم اللّه عن بر الذين لم يقاتلوكم وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ أي وتعدلوا فيهم بالإحسان إليهم والبر إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ أي العادلين قال ابن عباس نزلت في خزاعة وذلك أنهم صالحوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا فرخص اللّه في برهم وقال عبد اللّه بن الزبير نزلت في أمه وهي أسماء بنت أبي بكر وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا ضبابا وأقطا وسمنا وهي مشركة فقالت أسماء لا أقبل منك هدية ولا تدخلي عليّ بيتا حتى أستأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسألته فأنزل اللّه تعالى هذه

الآية فأمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن تدخلها منزلها وأن تقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها) ،

(ق) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنهما قالت (قدمت على أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومدتهم فاستفتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت يا رسول اللّه إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها قال نعم صليها) ، زاد في رواية قال ابن عيينة فأنزل اللّه فيها لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ثم ذكر اللّه الذي نهى عن صلتهم وبرهم

فقال تعالى :

إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)

﴿ ٦