٧

١٣

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ أي قل لهم يا محمد بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ أي يوم القيامة ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ أي لتخبرن بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ أي أمر البعث والحساب يوم القيامة فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لما ذكر حال الأمم الماضية المكذبة وما نزل بهم من العذاب قال فآمنوا أنتم باللّه ورسوله لئلا ينزل بكم ما نزل بهم من العقوبة وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا يعني القرآن سماه نورا لأنه يهتدى به في ظلمات الضلال كما يهتدى بالنور في الظلمة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يعني أنه مطلع عليكم عالم بأحوالكم جميعا فراقبوه وخافوه.

قوله عز وجل : يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ يعني يوم القيامة يجمع اللّه فيه الأولين والآخرين وأهل السموات وأهل الأرضين ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ من الغبن وهو فوت الحظ والمراد في المجازاة والتجارة وذلك أنه إذا أخذ الشيء بدون قيمته فقد غبن والمغبون من غبن أهله ومنازله في الجنة وذلك لأن كل كافر له أهل ومنزل في الجنة لو أسلم فيظهر يومئذ غبن كل كافر يتركه الإيمان ويظهر غبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان

وقيل إن قوما في النار يعذبون وقوما في الجنة ينعمون فلا غبن أعظم من هذا وقل هو غبن المظلوم للظالم لأن المظلوم مغبون في الدنيا فصار في الآخرة غابنا لظالمه وأصل الغبن في البيع والشراء وقد ذكر اللّه في حق الكافرين (انهم خسروا وغبنوا في شرائهم

فقال تعالى : اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ وقال في حق المؤمنين

هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ وقال إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ فخسرت صفقة الكافرين وربحت صفقة المؤمنين وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ على ما جاءت به الرسل من الإيمان بالبعث والجنة والنار وَيَعْمَلْ صالِحاً أي في إيمانه إلى أن يموت على ذلك يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أي بوحدانية اللّه وقدرته وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أي الدالة على البعث أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أي بقضاء اللّه وقدره وإرادته وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ أي يصدق أنه لا يصيبه مصيبة من موت أو مرض أو ذهاب مال ونحو ذلك إلا بقضاء اللّه وقدره وإذنه يَهْدِ قَلْبَهُ أي يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيسلم لقضاء اللّه تعالى وقدره

وقيل يهد قلبه للشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَطِيعُوا اللَّهَ أي فيما أمر وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ أي فيما جاء به عن اللّه وما أمركم به فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي عن إجابة الرسول فيما دعاكم إليه فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي لا معبود ولا مقصود إلا هو وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)

﴿ ٧