١١

١٧

إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ أي عتا وجاوز حده حتى علا على كل شيء وارتفع فوقه وذلك في زمن نوح عليه الصلاة والسلام وهو الطوفان حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ يعني حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم فصح خطاب الحاضرين في الجارية أي السفينة التي تجري في الماء لِنَجْعَلَها

أي لنجعل تلك الفعلة التي فعلناها من إغراق قوم نوح ونجاة من حملنا معه ، لَكُمْ تَذْكِرَةً

أي عبرة وموعظة وَتَعِيَها

أي تحفظها أُذُنٌ واعِيَةٌ

أي حافظة لما جاء من عند اللّه.

وقيل أذن سمعت وعقلت ما سمعت

وقيل لتحفظها كل أذن فتكون عظة وعبرة لمن يأتي بعد والمراد صاحب الإذن والمعنى ليعتبر ويعمل بالموعظة.

قوله عز وجل : فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ يعني النفخة الأولى وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ أي رفعت من أماكنها فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً أي كسرتا وفتتتا حتى صارتا هباء منبثا والضمير عائد إلى الأرض والجبال فعبر عنهما بلفظ الاثنين فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي قامت القيامة وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ أي ضعيفة لتشققها وَالْمَلَكُ يعني الملائكة عَلى أَرْجائِها يعني نواحيها وأقطارها وهو الذي لم ينشق منها قال الضحاك تكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن عليها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ أي فوق رؤوسهم يعني الحملة يَوْمَئِذٍ أي يوم القيامة ثَمانِيَةٌ يعني ثمانية أملاك ، وجاء في الحديث أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم اللّه بأربعة آخرين فكانوا ثمانية على صورة الأوعال بين أظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء. الأوعال تيوس الجبل وروى السدي عن أبي مالك قال إن الصخرة التي تحت الأرض السابعة ومنتهى علم الخلائق على أرجائها يحملها أربعة من الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه إنسان ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر فهم قيام عليها قد أحاطوا بالسموات والأرض ورؤوسهم تحت العرش ، وعن عروة بن الزبير قال حملة العرش منهم من صورته على صورة الإنسان ومنهم من صورته على صورة النسر ومنهم من صورته على صورة الثور ومنهم من صورته على صورة الأسد. وعن ابن عباس قال صدق النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أمية بن أبي الصلت في شيء من الشعر فقال :

رجل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث يرصد

عن جابر رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة اللّه من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام أخرجه أبو داود بإسناد صحيح غريب عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه عم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال (كنت جالسا في البطحاء في عصابة ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيهم إذ مرت سحابة فنظروا إليها فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هل تدرون ما اسم هذه قلنا نعم هذا السحاب قال والمزن قالوا والمزن قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والعنان قالوا والعنان ثم قال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هل تدرون كم بعد ما بين السماء والأرض؟

قالوا لا واللّه ما ندري قال : فإن بعد ما بينهما إما قال واحدة

وإما قال اثنتان

وإما ثلاث وسبعون سنة وبعد التي فوقها كذلك وكذلك حتى عدهن سبع سموات كذلك ثم فوق السماء السابعة بحرا أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء وفوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء واللّه عز وجل فوق ذلك) أخرجه الترمذي وأبو داود زاد في رواية (و ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شي ء) ، عن ابن مسعود قال ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وما بين كل سماء وسماء خمسمائة عام وفضاء كل سماء وأرض مسيرة خمسمائة عام وما بين السماء السابعة والكرسي مسيرة خمسمائة عام وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام والعرش على الماء واللّه على العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم). أخرجه أبو سعيد الدارمي وابن خزيمة وغيرهما موقوفا على ابن مسعود قال ابن خزيمة اختلاف خبر العباس وابن مسعود في قدر المسافة على اختلاف سير الدواب. وعن ابن عباس قال :

(لحملة العرش قرون ما بين أخمص أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام ومن كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة عام ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام).

وعن عبد اللّه بن عمر قال (الذين يحملون العرش ما بين موق أحدهم إلى مؤخر عينيه خمسمائة عام) وعن شهر بن حوشب قال (حملة العرش ثمانية فأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك ، وأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك) وروي عن ابن عباس في قوله يومئذ ثمانية قال ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا اللّه عز وجل :

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (٢٢)

قُطُوفُها دانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ (٢٤)

﴿ ١٢