١٠١٦وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أي برمي الشهب أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ومعنى الآية لا ندري هل المقصود من المنع من الاستراق هو شر أريد بأهل الأرض أم أريد بهم صلاح وخير وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ أي المؤمنون المخلصون وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ أي دون الصالحين مرتبة. قيل المراد بهم غير الكاملين في الصلاح وهم المقتصدون فيدخل فيهم الكافر وغيره كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أي جماعات متفرقين وأصنافا مختلفة والقدة القطعة من الشيء ، قال مجاهد يعنون مسلمين وكافرين. وقيل أهواء مختلفة وشيعا متفرقة لكل فرقة هوى كأهواء الناس وذلك أن الجن فيهم القدرية والمرجئة والرافضة والخوارج وغير ذلك من أهل الأهواء ، فعلى هذا التفسير يكون معنى طرائق قددا أي سنصير طرائق قددا وهو بيان للقسمة المذكورة أي كنا ذوي مذاهب مختلفة متفرقة ، وقيل معناه كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة وَأَنَّا ظَنَنَّا الظن هنا بمعنى العلم واليقين أي علمنا وأيقنا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ أي لن نفوته إن أراد بنا أمرا وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً أي إن طلبنا فلن نعجزه أينما كنا وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ أي لما سمعنا القرآن آمنا به وبمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً أي نقصانا من عمله وثوابه وَلا رَهَقاً يعني ظلما وقيل مكروها يغشاه وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وهم الذين آمنوا بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وَمِنَّا الْقاسِطُونَ أي الجائرون العادلون عن الحق ، قال ابن عباس وهم الذين جعلوا للّه أندادا فَمَنْ أَسْلَم َ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً أي قصدوا طريق اللّه وتوخوه أَمَّا الْقاسِطُونَ يعني الذين كفرواكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً يعني وقودا للنار يوم القيامة. فإن قلت قد يتمسك بظاهر هذه الآية من لا يرى لمؤمني الجن ثوابا وذلك لأن اللّه تعالى ذكر عقاب الكافرين منهم ولم يذكر ثواب المؤمنين منهم. قلت ليس فيه تمسك له وكفى بقوله فأولئك تحروا رشدا فذكر سبب الثواب واللّه أعدل وأكرم من أن يعاقب القاسط ولا يثيب الراشد. فإن قلت كيف يعذب الجن بالنار وقد خلقوا منها. قلت وإن خلقوا من النار فقد تغيروا عن تلك الهيئة وصاروا خلقا آخر واللّه تعالى قادر أن يعذب النار بالنار قوله عز وجل : وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ. اختلفوا فيمن يرجع الضمير إليه فقيل هو راجع إلى الجن الذين تقدم ذكرهم ووصفهم والمعنى لو استقام الجن على الطريقة المثلى الحسنى لأنعمنا عليهم وإنما ذكر الماء كناية عن طيب العيش وكثرة المنافع وقيل معناه لو ثبت الجن الذين سمعوا القرآن. على الطريقة التي كانوا عليها قبل استماع القرآن ولم يسلموا لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً أي لوسعنا الرزق عليهم. لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) |
﴿ ١٠ ﴾