٥

١١

أَيَحْسَبُ أبو الأشد من قوته أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ يعني أيظن لشدته في نفسه ، أنه لا يقدر عليه اللّه ،

وقيل هو الوليد بن المغيرة المخزومي. يَقُولُ يعني هذا الكافر أَهْلَكْتُ أي أنفقت مالًا لُبَداً أي كثيرا من التلبيد الذي يكون بعضه فوق بعض. يعني في عداوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ يعني أيظن أن للّه لم يره ، ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ،

وقيل كان كاذبا في قوله ، إنه أنفق ولم ينفق جميع ما قال والمعنى أيظن أن اللّه لم ير ذلك منه فيعلم مقدار نفقته. ثم ذكره نعمه عليه ليعتبر

فقال تعالى : أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ يعني أن نعم اللّه على عبده متظاهرة ، يقروه بها كي يشكره ، وجاءه في الحديث (إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق عليه ، وإن نازعك بصرك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق عليه ، وإن نازعك فرجك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق عليه). وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ قال أكثر المفسرين طريق الخير والشر والحق ، والباطل ، والهدى ، والضلالة ، وقال ابن عباس : الثديين فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أي فهلا أنفق ماله فيما يجوز به العقبة من فك الرقاب وإطعام المساكين يكون ذلك خيرا له من إنفاقه في عداوة من أرسله اللّه إليه ، وهو محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ،

وقيل معناه لم يقتحمها ولا جاوزها والاقتحام الدّخول في الأمر الشّديد ، وذكر العقبة مثل ضربه اللّه تعالى : لمجاهدة النّفس ، والهوى ، والشّيطان في أعمال الخير ، والبر ، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة يقول اللّه عزّ وجلّ : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرّقبة ، والإطعام ،

وقيل إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بالعقبة ، فإذا أعتق رقبة وأطعم المساكين.

كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها ، وروي عن ابن عمر أن هذه العقبة جبل في جهنم ،

وقيل هي عقبة شديدة في النار دون الجسر فاقتحموها بطاعة اللّه ومجاهدة النفس ،

وقيل هي الصّراط يضرب على متن جهنم كحد السّيف مسيرة ثلاثة آلاف سنة سهلا وصعودا وهبوطا ، وأن بجنبيه كلاليب وخطاطيف ، كأنها شوك السّعدان فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكردس في الناس منكوس ، فمن الناس من يمر كالبرق الخاطف ، ومنهم من يمر كالريح العاصف ، ومنهم من يمر كالفارس ، ومنهم من يمر كالرّجل يعدو ، ومنهم من يمر كالرجل يسير ، ومنهم من يزحف زحفا ومنهم الزّالون ومنهم من يكردس في النار ،

وقيل معنى الآية : فهلا سلك طريق النجاة ثم بين ما هي.

فقال تعالى :

وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦)

ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧)

﴿ ٥