٦١٠وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى قال ابن عباس صدق بقول لا إله إلا اللّه وعنه صدق بالخلف به ، أي أيقن أن اللّه سيخلف عليه ما أنفقه في طاعته ، وقيل صدق بالجنة ، وقيل صدق بموعد اللّه عز وجل الذي وعده أنه يثيبه فَسَنُيَسِّرُهُ فسنهيئه في الدنيا لِلْيُسْرى أي للخلة والفعلة اليسرى ، وهو العمل بما يرضاه اللّه. قوله عز وجل : وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ أي بالنّفقة في الخير والطاعة وَاسْتَغْنى أي عن ثواب اللّه تعالى فلم يرغب فيه وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى أي بلا إله إلا اللّه أو كذب بما وعده اللّه عز وجل من الجنة والثواب فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى أي فسنهيئه للشّر بأن نجريه على يديه حتى يعمل بما لا يرضى اللّه تعالى فيستوجب بذلك النار ، وقيل نعسر عليه أن يأتي خيرا وفي الآية دليل لأهل السّنة وصحة قولهم في القدر وأن التّوفيق والخذلان والسّعادة والشّقاوة بيد اللّه تعالى ، ووجوب العمل بما سبق له في الأزل (ق) عن علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه قال : (كنا في جنازة في بقيع الغرقد ، فأتانا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكس ، وجعل ينكت بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة) زاد مسلم (١) (و إلا وقد كتبت شقية أو سعيدة فقالوا : يا رسول اللّه أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السّعادة فيصير لعمل أهل السّعادة وأما من كان من أهل الشّقاوة ، فيصير لعمل أهل الشّقاوة ثم قرأ فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى ، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى المخصرة بكسر الميم كالسّوط والعصا ، ونحو ذلك مما يمسكه الإنسان بيده ، والنكت بالتاء المثناة فوق ضرب الأرض بذلك أو غيرها مما يؤثر فيه الضرب ، وهذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق ، وذلك أنه اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه ، فأنزل اللّه تعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى إلى قوله إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى يعني سعي أبي بكر وأمية بن خلف ، وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفرعها في دار رجل فقير وله عيال ، فكان صاحب النخلة إذا طلع نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة ، فيأخذها صبيان ذلك الفقير ، فينزل الرجل عن نخلته حتى يأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل إصبعه في فيه حتى يخرجها فشكا ذلك الرّجل الفقير إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فلقي النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم صاحب النّخلة فقال له : تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان ، ولك بها نخلة في الجنة فقال الرجل : إن لي نخلا ، وما فيه أعجب إليّ منها ثم ذهب ، فسمع بذلك أبو الدحداح رجل من الأنصار ، فقال لصاحب النخلة هل لك أن تبيعها بحش يعني حائطا له فيه نخل ، فقال هي لك فأتى أبو الدّحداح إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تشتريها مني بنخلة في الجنة ، فقال نعم فقال هي لك فدعا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ذلك الرجل الفقير جار الأنصاري صاحب النخلة قال خذها لك ولعيالك فأنزل اللّه هذه الآية ، وهذا القول فيه ضعف لأن هذه السورة مكية ، وهذه القصة كانت بالمدينة فإن كانت القصة صحيحة تكون هذه السورة قد نزلت بمكة ، وظهر حكمها بالمدينة ، والصحيح أنها نزلت في أبي بكر الصديق وأمية بن خلف لأن سياق الآيات يقتضي ذلك. وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) |
﴿ ٦ ﴾