١٢٤قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} اختلف أهل التفسير في ذلك على أقوال. فأحدها: مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}، قَالَ: ابْتَلاهُ اللّه بِالطَّهَارَةِ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ: فِي الرَّأْسِ. قَصُّ الشَّارِبِ، وَالْمَضْمَضَةُ، وَالاسْتِنْشَاقُ وَالسِّـوَاكُ وَفَرْقُ الرَّأْسِ، وَفِي الْجَسَدِ: تَقْلِيمُ الأَظَافِرِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْخِتَانُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَغَسْلُ أَثَرِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ"، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَأَبِي الْجَلْدِ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَرَّادُ الْحِمْصِيُّ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَـالَ: "مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِهَذَا الدِّينِ فَقَالَ بِهِ كُلِّـهِ إِلا إِبْرَاهِيمُ: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} قُلْتُ لَهُ: وَمَا الْكَلِمَاتُ الَّتِي ابْتُلِيَ إِبْرَاهِيمُ بِهِنَّ فَأَتَمَّهُنَّ ؟ قَالَ: الإِسْلامُ ثَلاثُونَ سَهْمًا مِنْهَا عَشْرُ آيَاتٍ فِي بَرَاءَةَ {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} إِلَـى آخِرِ الآيَةِ، وَعَشْرُ آيَاتٍ فِي أَوَّلِ سُورَةِ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِـنُونَ} وَ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، وَعَشْرُ آيَاتٍ فِي الأَحْزَابِ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَأَتَمَّهُنَّ كُلَّهُنَّ فَكَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً، قَالَ اللّه: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}". وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَحَدُ الأَقْوَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "الْكَلِمَاتُ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهِنَّ إِبْرَاهِيمُ فَأَتَمَّهُنَّ فِرَاقُ قَوْمِهِ فِي اللّه حِينَ أُمِرَ بِفِرَاقِهِمْ، وَمُحَاجَّتُهُ نَمْرُودَ فِي اللّه حِينَ وَقَفَهُ عَلَى مَا وَقَفَهُ عَلَيْهِ مِنْ خَطَرِ الأَمْرِ الَّذِي فِيهِ خِلافُهُمْ، وَصَبْرُهُ عَلَى قَذْفِهِ إِيَّاهُ فِي النَّـارِ لِيُحَرِّقُوهُ فِي اللّه عَلَى هَوْلِ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَالْهِجْرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَطَنِهِ وَبِلادِهِ فِي اللّه حِينَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ عَنْهُمْ، وَمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنَ الضِّيَافَةِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا، وَمَالُـهُ وَمَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ وَلَدِهِ حِينَ أَمَرَهُ بَذَبْحِهِ، فَلَمَّا مَضَى عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللّه كُلِّهِ وَأَخْلَصَهُ الْبَلاءَ، قَالَ اللّه لَهُ: أَسْلِمْ، قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. عَلَى مَا كَانَ مِنْ خِلافِ النَّـاسِ وَفِرَاقِهِمْ". وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: وهو أحد الأقوال عن ابن عباس: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قِرَاءَةً، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللّه الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}، قَـالَ: عَشْرٌ، سِتٌّ فِي الإِنْسَانِ، وَأَرْبَعٌ فِي الْمَشَاعِرِ ؛ فَأَمَّا الَّتِي فِي الإِنْسَانِ: حَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَالْخِتَانُ، وَكَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ يَقُولُ: هَؤُلاءِ الثَّلاثُ وَاحِدَةٌ، وَتَقْلِيمُ الأَظَافِرِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَالسِّوَاكُ وَغُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَالأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي الْمَشَاعِرِ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَالإِفَاضَةُ". وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَحَدُ الأَقْوَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ مَعْمَرٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ"ابْتَلاهُ اللّه بِالْمَنَاسِكِ"، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ نحو ذلك والقول السادس حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ: "{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}، قَالَ: ابْتَلاهُ بِـالْكَوْكَبِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلاهُ بِالْقَمَرِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلاهُ بِالشَّمْسِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلاهُ بِالْمُعْجِزَةِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلاهُ بِالْخِتَانِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلاهُ بِابْنِهِ فَرَضِيَ عَنْهُ". وَالْقَوْلُ السَّابِعُ: حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،" قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}، قَالَ اللّه لإِبْرَاهِيمَ: إِنِّي مُبْتَلِيكَ بِأَمْرٍ فَمَا هُوَ ؟ قَالَ: تَجْعَلُنِي لِلنَّاسِ إِمَامًا، قَالَ: نَعَمْ: {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} ؟ قَالَ: لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، قَالَ: تَجْعَلُ الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَمْنًا ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَتَجْعَلُنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مَسْلَمَةً لَكَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَتُرِينَا مَنَاسِكَنَا وَتَتُوبُ عَلَيْنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَتَجْعَلُ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًـا، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَتَرْزُقُ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ بِاللّه، قَالَ: نَعَمْ"، قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: سَمِعْتُ مِنْ عِكْرِمَةَ، فَعَرَضْتُهُ عَلَى مُجَاهِدٍ فَلَمْ يُنْكِرْهُ حَدَّثَنَـا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللّه الأَوْدِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ النَّضْرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"فِي قوله: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ}، قَالَ: قَالَ لَـهُ الرَّبُّ: يَا إِبْرَاهِيمُ، إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً، قَالَ: خَبَّأْتَ لِي يَا رَبُّ أَنَّكَ جَاعِلِي لِلنَّـاسِ إِمَامًا ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنَّكَ بَاعِثٌ فِي أُمَّتِي رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَتَمَّ اللّه ذَلِكَ لَهُ". قوله: {فَأَتَمَّهُنَّ} حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدَمُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: "{فَأَتَمَّهُنَّ} أَيْ: عَمِلَ بِهِنَّ"، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ نَحْوُ ذَلِكَ قوله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ الْعَسْقَلانِيُّ، بِهَا ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ،"وَ قوله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}، فَجَعَلَهُ اللّه إِمَامًا يُؤْتَمُّ وَيُقْتَدَى بِهِ"، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ نَحْوُ ذَلِكَ قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "{وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَـالَ لا يَنَـالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، يُخْبِرُهُ أَيْ أَنَّهُ كَانَ فِي ذُرِّيَّتِهِ ظَالِمٌ لا يَنَـالُ عَهْدَهُ وَلا يَنْبَغِي لَـهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ خَلِيلِهِ، وَمُحْسِنٌ سَتَنْفُذُ فيه دَعْوَتُهُ وَيَبْلُغُ فِيهِ مَا أَرَابَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ". أَخْبَرَنَـا عَمْرُو بْنُ ثَوْرٍ الْقَيْسَارِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا إِسْرَائِيلُ، ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "قَالَ اللّه لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ، ثُمَّ قَالَ: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}". حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدَمُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}، يَقُولُ: اجْعَلْ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُؤْتَمُّ بِهِ وَيُقْتَدَى بِهِ، يَقُولُ: لَيْسَ كُلُّ ذُرِّيَّتِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَى حَقٍّ". حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ،"فِي قوله: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}، فَأَبَى أَنْ يَجْعَلَ ظَالِمًا إِمَامًا"، وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ نَحْوُ ذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،"فِي قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}، قَالَ: أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَالِحًا فَسَأَجْعَلُهُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا فَلا، وَلا نِعْمَةُ عَيْنٍ". قوله: {قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي} اختلف في تفسيره على أوجه: فأحدها: من فسره علي أن عهده: دينه. حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثنا آدَمُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: "قَالَ اللّه: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} فَعَهْدُ اللّه الَّذِي عَهِدَ إِلَى عِبَادِهِ دِينُهُ، قَالَ: {لا يَنَالُ دِينِي الظَّالِمِينَ}"، وَرُوِيَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُ ذَلِكَ الوجه الثَّانِي: أَنَّ عَهْدَهُ رَحْمَتُهُ. حَدَّثَنَـا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي وَاصِلُ بْنُ السَّائِبِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ" قوله: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قَالَ: هِيَ رَحَمَتُهُ لا يَنَالُهَا إِلا الْمُؤْمِنُونَ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ". وَالوجه الثَّالِثُ: أَنَّ عَهْدَهُ: نُبُوَّتُهُ. حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: "{لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، يَقُولُ: عَهْدِي: نُبُوَّتِي". وَالوجه الرَّابِعُ: أَنَّ عَهْدَهُ: طَاعَتُهُ. حَدَّثَنَـا أَبِي، ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا مَرْوَانُ، ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ: "{لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، يَقُولُ: لا يَنَالُ طَاعَتِي عَدُوٌّ لِي وَلا أُنْحِلُهَا إِلا وَلِيًّا لِي يُطِيعُنِي"، وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ قوله: {الظَّالِمِينَ} اختلف في تفسيره على أوجه: فمنهم من فسره على الشرك. حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللّه بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ،"فِي قَوْلِ اللّه: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قَالَ: الظَّالِمُ فِي هَذِهِ الآيَةِ الْمُشْرِكُ لا يَكُونُ إِمَامًا ظَالِمًا، يَقُولُ: لا يَكُونُ إِمَامًا مُشْرِكًا". وَالوجه الثَّانِي: مَنْ فَسَّرَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدُوُّ اللّه. حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ يَمَانٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،"فِي قوله: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قَالَ: لا يَنَالُ طَاعَتِي عَدُوِّي، وَلا أُنْحِلُهَا إِلا وَلِيًّا لِي". وَالوجه الثَّالِثُ: فَسَّرَهُ عَلَى ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ. حَدَّثَنَـا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"فِي قوله: {لا يَنَـالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قَالَ: لَيْسَ لِظَالِمٍ عَلَيْكَ عَهْدٌ فِي مَعْصِيَةِ اللّه أَنْ تُطِيعَهُ"، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ الوجه الرَّابِعُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،"فِي قوله: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، قَالَ: لا يَنَالُ عَهْدُ اللّه فِي الآخِرَةِ الظَّالِمِينَ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ نَالَهُ الظَّالِمُ، فَأَمِنَ بِهِ، أَكَلَ، وَعَاشَ"، وَزَادَ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ قَتَادَةَ: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَضَى اللّه عَهْدَهُ وَكَرَامَتَهُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ نَحْوُ ذَلِكَ |
﴿ ١٢٤ ﴾