٣١

وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها : أي : بمعانيها على اللّغات المختلفة «٤» ، فلما تفرّق ولده تكلّم كل قوم بلسان أحبوه وتناسوا غيره.

وتخصيص الأسماء لظهورها على الأفعال والحروف ، كقوله «٥» :

وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ ، ولم يكن التعليم بالعلم الضروري ولا/ [٥/ أ] بالمواضعة «٦» والإيماء تعالى اللّه عنه ، بل بالوحي في أصول الأسماء والمصادر ومبادئ الأفعال والحروف عند حصول أول اللّغة بالاصطلاح ثم زيادة الهداية في التصريف والاشتقاق.

عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ : أي : المسمّيات «٧» لقوله : أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ.

___________

(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ١/ ١٠٩ وقال : «و تأويل استخبارهم هذا على جهة الاستعلام وجهة الحكمة ، لا على الإنكار ، فكأنهم قالوا : يا اللّه ، إن كان ظننا فعرفنا وجه الحق فيه».

(٢) في الأصل : وولادة ، والمثبت عن نسخة «ك» و«ج».

(٣) انظر تفسير البغوي : ١/ ٦١ ، والمحرر الوجيز : (١/ ٢٢٩ ، ٢٣١) ، وزاد المسير : ١/ ٦٠ ، وتفسير القرطبي : ١/ ٢٧٤ ، وتفسير ابن كثير : (١/ ٩٩ ، ١٠٠).

(٤) انظر تفسير البغوي : ١/ ٦١ ، والمحرر الوجيز : ١/ ٢٣٥ ، وتفسير القرطبي : ١/ ٢٨٤.

(٥) سورة النور : آية : ٤٥.

(٦) المواضعة : الموافقة على النظر في الأمر ، وفي القاموس : ٩٩٧ : «و هلم أواضعك الرأي :

أطلعك على رأي ، وتطلعني على رأيك».

وينظر اللسان : ٨/ ٤٠١ ، وتاج العروس : ٢٢/ ٣٤٣ (وضع).

(٧) قال الفراء في معاني القرآن : ١/ ٢٦ : «فكان عَرَضَهُمْ على مذهب شخوص العالمين وسائر العالم ، ولو قصد قصد الأسماء بلا شخوص جاز فيه «عرضهن» و«عرضها». وهي في حروف عبد اللّه «ثم عرضهن» وفي حرف أبيّ «ثم عرضها» ، فإذا قلت : «عرضها» جاز أن تكون للأسماء دون الشخص وللشخوص دون الأسماء».

وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٤٦ : أي عرض أعيان الخلق عليهم. وأخرج الطبري في تفسيره : ١/ ٤٨٧ عن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم : «ثم عرضهم» ، ثم عرض الخلق على الملائكة.

وأخرج عن مجاهد : «ثم عرضهم» ، عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.

وانظر المحرر الوجيز : ١/ ٢٣٥ ، تفسير القرطبي : ١/ ٢٨٣ ، تفسير ابن كثير : ١/ ١٠٥.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ : فيما هجس في نفوسكم أنكم أفضل ، وقيل «١» : في «عرضهم» أنه خلقهم ، وقيل : صوّرهم لقلوب الملائكة.

وقيل : أَنْبِئُونِي أمر مشروط بمعنى : إن أمكنكم أن تخبروا بالصدق فيه فافعلوا ، أو معناه التنبيه ، كسؤال العالم للمتعلم : ما تقول في كذا؟ ليبعثه عليه ويشوقه [إليه ] «٢».

صادِقِينَ : عالمين ، كقولك : أخبرني بما في يدي إن كنت صادقا ، وإذا أفادتنا هذه الآية أنّ علم اللّغة فوق التحلي بالعبادة فكيف علم الشّريعة والحكمة «٣».

﴿ ٣١