٦٩

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا : أظهروا الإيمان ، يعني : المنافقين «١».

وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ : رفع «الصابئين» على تقدير التأخير ، كأنه : ولا هم يحزنون والصابئون كذلك «٢».

أو عطف على ضمير هادُوا أي : والذين هادوا هم والصابئون «٣».

أو ارتفع لضعف عمل «إن» لا سيما وهو عطف على المضمر الذي لم يظهر إعرابه «٤».

وبلغ ابن عباس قراءة أهل المدينة «٥» : «و الصّابون» فأنكرها وقال :

___________

(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ٢/ ١٩٤ ، والنحاس في معاني القرآن : ٢/ ٣٣٩.

وقال الزجاج : فأما مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ «و قد ذكر الذين آمنوا ، فإنما يعني الذين آمنوا هاهنا المنافقين الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم ودلّ على أن المعنى هنا ما تقدم من قوله : لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ.

وقيل : هم المسلمون الذين صدقوا اللّه ورسوله.

وهو قول الطبري في تفسيره : ١٠/ ٤٧٦ ، وابن كثير في تفسيره : ٣/ ١٤٧.

(٢) هذا قول سيبويه في الكتاب : ٢/ ١٥٥. وعزاه الزجاج في معاني القرآن : ٢/ ١٩٣ إلى سيبويه والخليل وإلى جميع البصريين.

وانظر هذا القول في تفسير البغوي : ٢/ ٥٣ ، والمحرر الوجيز : ٤/ ٥٢٢ ، والتبيان للعكبري : ١/ ٤٥١ ، والدر المصون : ٤/ ٣٥٣.

(٣) هذا قول الكسائي وردّه الفراء في معاني القرآن : ١/ ٣١٢ ، وخطّأه الزجاج في معاني القرآن : ٢/ ١٩٤ فقال : «و هذا القول خطأ من جهتين ، إحداهما : أن الصابئ يشارك اليهودي في اليهودية وإن ذكر أنّ هادوا في معنى تابوا فهذا خطأ في هذا الموضع أيضا لأن معنى «الذين آمنوا» هاهنا إنما هو إيمان بأفواههم ، لأنه يعنى به المنافقون ، ألا ترى أنه قال :

من آمن باللّه ، فلو كانوا مؤمنين لم يحتج أن يقال إن آمنوا فلهم أجرهم».

وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي : ١/ ٢٣٢ ، والتبيان للعكبري : ١/ ٤٥١ ، والدر المصون : (٤/ ٣٥٦ ، ٣٥٧).

(٤) معاني القرآن للفراء : (١/ ٣١٠ ، ٣١١) ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ١/ ٢٣٢ ، والدر المصون : ٤/ ٣٦٢.

(٥) وهي قراءة نافع كما في الكشف لمكي : ١/ ٢٤٥ ، والتيسير لأبي عمرو الداني : ٧٤ وفي توجيه هذه القراءة السبعية قال مكي : «فأما من لم يهمز فهو على أحد وجهين إما أن يكون خفف الهمزة على البدل ، فأبدل منها ياء مضمومة ، أو واوا مضمومة ، في الرفع ، فلما - انضمت الياء إلى الواو ألقى الحركة على الياء ، استثقالا للضم على حرف علة ، فاجتمع حرفان ساكنان ، فحذف الأول لالتقاء الساكنين ، ... والوجه الثاني أن يكون من «صبا يصبو» إذا فعل ما لا يجب له فعله ، كما يفعل الصبي ، فيكون في الاعتلال ، قد حذف لامه في الجمع ، وهي واو مضمومة في الرفع ، وواو مكسورة في الخفض والنصب ، فجرى الاعتلال على إلقاء حركة الواو على الياء ، وحذف الواو الأولى لسكونها وسكون واو الجمع أو يائه بعدها ...».

ونسب ابن جني هذه القراءة في المحتسب : ١/ ٢١٦ إلى أبي جعفر وشيبة.

إنما الصابون ما يغسل به الثّياب.

﴿ ٦٩