١٣٠{وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِمَ إِلا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} أي يترك دينه وشريعته. يقال : رغب في الشيء إذا أردته ورغبت عنه إذا تركته. وأصل الرّغبة : رفع الهمّة عن الشيء وإليه يقال : رغب فلان في فلان وإليه إذا همّت نفسه إليه، والأصل فيه الكرة فمعنى قوله تعالى {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِمَ} أي يرفع همّته عنها {إِلا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} . قال ابن عبّاس : حيّر نفسه. حيّان عن الكلبي : ظلّ من (جهة) نفسه. أبو روق : عجَّز رأيه عن نفسه. يمان : حمق رأيه، ونفسه منصوب في هذه الأقاويل بنزع حرف الصّفة. وقال الفرّاء : نصب على التفسير، والأصل : سفهت نفسه فلمّا أضاف الفعل إلى صاحبها خرجت النفس مفسَّرة ليعلم موضع السفه كما يقال : ضقت به ذرعاً معناه : ضاق ذرعي به، ويقال : ألم زيدُ رأسه ووجع بطنه. وقال أبو عبيدة : سفه نفسه : أي أوبق نفسه وأهلكها. هشام وابن كيسان : جهل نفسه. وحكى المفضّل بن سلمة عن بعضهم سفه. حقّر نفسه. والنفس على هذه الأقوال نصب لوقوع الفعل عليه وهذا كما جاء في الخبر : (من عرف نفسه فقد عرف ربّه). وأصل السفه والسفاهة : الخفّة والجهل وضعف الرأي يقال سفه يسفه وسفه يسفه. {وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ} اخترناه {فِى الدُّنْيَا} وأصل الطاء فيه تاء حوّلت طاء لقرب مخرجيها ولتطوع اللسان به. {وَإِنَّهُ فى الآخرة لَمِنَ الصَّالِحِينَ} الفائزين. قال الزجّاج وقال ابن عبّاس : يعني مع آبائه الأنبياء في الجنّة بيانه قوله : خطابه عن يوسف {تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ} . وقال الحسين بن الفضل : في الآية تقديم وتأخير تقديرها لقد إصطفيناه في الدنياّ والأخرة بأنّه لمن الصالحين نظيرها في سورة النحل. |
﴿ ١٣٠ ﴾