١٥١{كَمَآ أَرْسَلْنَا} هنا الكاف للتشبيه ويحتاج إلى شيء يرجع إليه واختلفوا فيه فقال بعضهم : هو راجع إلى ما قبلها والكاف من ما قبلها تقديره : فلا تخشوهم واخشوني ولأتمّ نعمتي كما أرسلت فيكم رسولاً فيكون إرسال الرّسول شرطاً للخشية مزدّياً باتمام النّعمة. وقيل : معناه ولعلّكم تهتدون كما أرسلنا. وقال محمّد بن جرير : إنّ إبراهيم دعا بدعوتين فقال {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} فهذه الدعوة الأولى. والثانية قوله {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِّنْهُمْ} فبعث اللّه الرسول وهو محمّد (صلى اللّه عليه وسلم) ووعد في هذه الآية أن يجيب الدّعوة الثانية أن يجعل من ذرّيته أمّة مسلمة لك فمعنى الآية : ولأتِم نعمتي عليكم : ببيان شرائع ملّتكم الحنيفية وأهديكم لدين خليلي إبراهيم. {كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِّنكُمْ} يعني فكما أجبت دعوته بانبعاث الرّسول كذلك أجبت دعوته بأن أهديكم لدينه وأجعلكم مسلمين وهذا على قول من يجعله متصلاً بما قبلها وجواباً للآية الأولى وهو إختيار الفرّاء. وقال بعضهم : إنّها متعلّقة بما بعدها وهو قوله {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} تقديرها : كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم فاذكروني اذكركم فيكون جزأً له جوابان مقدّم ومؤخّر كما تقول : إذا جاءك فلان فآته ترضه. فقوله : فآته وترضه جوابان لقوله إذا جاءك وكقولك : إنّ تأتني أحسن إليك أكرمك وهذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل والأخفش وابن كيسان واختيار الزجّاج، وهذه الآية خطاب للعرب وأهل مكّة يعني : كما أرسلنا فيكم يا معشر العرب رسولاً منكم محمّد (صلى اللّه عليه وسلم) {يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا} يعني القرآن. {وَيُزَكِّيكُمْ} أي يعلّمون من الأحكام وشرائع الإسلام. |
﴿ ١٥١ ﴾