٢٢١{ولا تنكحوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} الآية نزلت في عمّار بن أبي مرثد الغنوي. وقال مقاتل : هو أبو مرثد الغنوي واسمه أيمن، وقال عطاء : هو أبو مرثد عمّار بن الحصين، وكان شجاعاً قوياً، فبعثه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلى مكة ليخرج منها ناساً من المسلمين سرًّا، فلمّا قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها عناق، وكانت خليلته في الجاهلية فأتته قالت : يا مرثد ألا تخلو؟ فقال لها : ويحك يا عناق إنّ الاسلام قد حال بيننا وبين ذلك، فقالت : فهل لك أن تتزوّج بي فقال : نعم ولكن أرجع إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فأستأمره ثم أتزوّجك، فقالت : أبيّ تتبرم، ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً ثم خلّوا سبيله، فلمّا قضى حاجته بمكة وانصرف إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها وقال : يا رسول اللّه أتحلّ لي أن أتزوجها؟ فأنزل اللّه تعالى {ولا تنكحوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} أي لا تتزوجوا منهن حتى يؤمنّ. قال المفضل : أصل النكاح الجماع، ثم كثر ذلك حتى قيل للعقد نكاح، كما قيل : عذرة وأصلها فناء الدار لالقائهم إيّاه بها، ولذبيحة الصبي عقيقة، وأصلها الشعر الذي يولد للصبي، وهو علّة لذبحهم إيّاها عند جلّهم، ونحوها كثير، فحرّم اللّه نكاح المشركات عقداً ووطئاً، ثم استثنى الحرائر الكتابيات فقال : {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} . ثم قال : {ولأمة مشركة ولو أعجبتكم} بجمالها ومالها، نزلت في خنساء وكانت سوداء كانت لحذيفه بن اليمان فقال : يا خنساء قد ذكرت في الملأ الأعلى مع سوادك ودمامتك وأنزل اللّه عزّوجل ذكرك في كتابه فأعتقها حذيفة وتزوجها. وقال السدّيّ : نزلت في عبد اللّه بن رواحة وكانت له أمة سوداء فغضب عليها وآذاها، ثم فزع إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) وأخبره بذلك، فقال له النبي (صلى اللّه عليه وسلم) وما هو يا أبا عبد اللّه قال : هي تشهد أن لا إله إلاّ اللّه وإنك رسوله وتصوم شهر رمضان وتحسن الوضوء وتصلّي فقال : هذه (مؤمنة)، قال عبد اللّه : فوالّذي بعثك بالحق لأُعتقنّها ولأتزوجنها، ففعل وطعن عليه ناس من المسلمين، قالوا : أتنكح أمه؟ وعرضوا عليه حرّة مشركة، وكانوا يرغبون في نكاح المشركات رجاء إسلامهنّ، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية. ثم قال : {ولا تنكحوا} ولا تُزوّجوا {الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} بماله وحسن حاله. وعن مروان بن محمد قال : سألت مالك بن أنس عن تزويج العبد فقال : {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ} . {أُولَائِكَ يَدْعُونَ} يعني المشركين إلى النار أي إلى الحال الموجبة للنار {ولا تنكحوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ} أوامره ونواهيه {لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتّعظون. |
﴿ ٢٢١ ﴾