١٧

{وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {الصَّابِرِينَ} : في اداء الامر،

وعن ارتكاب الزنى وعلى البأساء والضرَّاء وحين البأس. وان شئت نصبتها وأخواتها على المدح،

وإن شئت خفضتها على النعت.

{وَالصَّادِقِينَ} : في إيمانهم،

قال قتادة : هم قوم صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وألسنتهم فصدقوا في السر والعلانية {وَالْقَانِتِينَ} : المطيعين المصلين.

{وَالْمُنَافِقِينَ} : أموالهم في طاعة اللّه.

وعن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إنَّ للّه ملكاً ينادي : اللّهم اعط مُنفقاً خلفاً،

واعطِ ممسكاً تلفاً).

{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِاسْحَارِ} : قال مجاهد،

والضحاك،

وقتادة،

والكلبي والواقدي : يعني المصلين بالاسحار. نظير قوله {وَبِاسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي يصلَّون.

وقال يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي الزهري قال : قلت لزيد بن اسلم : من المستغفرين بالأسحار؟

قال : هم الذين يشهدون الصبح.

وكذلك قال ابن كيسان : يعني صلاة الصَّبح في المسجد.

وقال الحسن : صلَّوا الصلاة الى السحر ثم استغفروا.

قال نافع : كان ابن عمي يُحيي الليل،

ثم يقول : يا نافع أسحرنا؟

فأقول : لا، فيعاود الصلاة،

واذا قلت : نعم،

فيستغفر اللّه ويدعوا حتى الصبح.

وروى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال : سمعتُ رجلاً في السحر يتهجّد في المسجد وهو يقول : ربَّ أمرتني فأطعتك،

وهذا سَحَر فاغفر لي. فنظرتُ فإذا هو ابن مسعود (رضي اللّه عنه).

وروى صالح وحماد بن سلمة عن ثابت وأبان وجعفر بن زيد عن أنس بن مالك قال : سمعتُ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : إنَّ اللّه عزَّ وجل يقول : (إني لأهمَّ بأهل الأرض عذاباً؛ فإذا نظرتُ الى عمَّار بيوتي والى المتهجدين والى المتحابين فيَّ،

والى المستغفرين بالاسحار صرفت عنهم).

محمد بن راذان عن أم سعد قالت : سمعتُ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول : (إنَّ ثلاثة أصوات يحبهم اللّه عزَّ وجلَّ؛ صوت الديك،

وصوت الذي يقرأ القرآن،

وصوت المستغفرين بالاسحار).

حمّاد بن سلمة عن سعيد الجريري قال : بلغنا أنَّ داود نبي اللّه سأل جبرائيل (عليه السلام) : أي الليل أفضل؟

فقال : ما أدري إلا أنَّ العرش يهتز من السَحَر.

وقال سفيان الثوري : إنَّ للّه ريحاً يقال لها : الصبَّحية تهب وقت الأسحار تحمل الأذكار والاستغفار الى الملك الجبّار.

قال سفيان انَّهُ إذا كان من أوّل الليل،

نادى مناد : ألا ليقم العابدون،

فيقومون فيصلّون ما شاء اللّه،

ثم ينادي منادي في شطر الليل : ليقم القانتون،

فيقومون كذلك يصلَّون الى السَحَر.

فإذا كان نادى مناد : ألا ليقم المستغفرون،

فيقومون فيستغفرون،

ويقوم آخرون يصلَّون فيلحقون بهم. فإذا طلع الفجر نادى مناد : اللّهم ليقم الغافلون فيقومون،

من فراشهم كأنهم نشروا من قبورهم.

وقال لقمان لإبنهِ : (يا بُني لا يكون الديك أكيس منك ،

ينادي بالأسحار وأنت نائم.

﴿ ١٧