١٩{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّه اسْلَامُ} : يعني (بالدين الطاعة والملّة) لقوله : {وَرَضِيتُ لَكُمُ اسْلَامَ دِينًا} . وفتح الكسائي ومحمد بن عيسى الاصفهاني ألف (إنَّ) رداً على (أنَّ) الأُولى في قوله : {شَهِدَ اللّه أَنَّهُ} يعني : شهد اللّه أنَّه، وشهد أن الدين عند اللّه الإسلام، وكسر الباقون على الإبتداء. والإسلام (من السلم : الإيمان و) الطاعة يُقال : أسلم أي : دخل في السلم. وذلك كقولهم : استى وأربع وأمحط واخبت : أي دخل فيها. سفيان : قال قتادة : في قولهِ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّه اسْلَامُ} قال : (شهادة) أن لا اله إلا اللّه. والإقرار بأنَّها من عند اللّه، وهو دين اللّه الذي شرع لنفسهِ، وبعث به رسله ودلَّ عليه أولياءه ولا يُقبل غيره ولا جزى إلاَّ بهِ. {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} الآية، قال الربيع : إنَّ موسى (عليه السلام) لما حضرته الوفاة دعا سبعين حبراً من أحبار بني إسرائيل، واستودعهم التوراة، وجعلهم أمناء عليها، واستخلف يوشع بن نون. فلمّا مضى القرن الأول والثاني والثالث وقعت الفرقة بينهم، وهم الذين أوتوا الكتاب من أبْنَاء أولئك السبعين حتى أوقعوا بينهم الدماء، ووقع الشر والإختلاف وذلك {مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ} يعني : بيان ما في التوراة {بَغْيَا بَيْنَهُمْ} : أن طلبها للملك والرئاسة والتحاسد والمناقشة؛ فسلط اللّه عليهم الجبابرة. وقال بعضهم : أراد {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} : في نبوة محمد (صلى اللّه عليه وسلم) إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم، يعني : بيان نعته وصفته في كتبهم. وقال محمد بن جعفر عن الزبير : نزلت هذه الآية في نصارى نجران ومعناها : {وما أختلف الذين أتوا الكتاب} هو الإنجيل في أمر عيسى (عليه السلام)، وفرَّقوا القول فيه إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم، بأن اللّه واحد، وأنَّ عيسى عبدهُ ورسوله {بَغْيَا بَيْنَهُمْ} : أي للمعاداة والمخالفة. {وَمَن يَكْفُرْ بَِايَاتِ اللّه فَإِنَّ اللّه سَرِيعُ الْحِسَابِ} : لا يحتاج الى عقد وقبض يد. وقال الكلبي : نزلت في يهوديين تركوا اسم الإسلام وتسمَّوا باليهودية والنصرانية، قال اللّه تعالى : {وما أُختلف الذين أُوتو الكتاب إلاَّ من بعد ما جاءهم العلم} قال : دين اللّه هو الإسلام بغياً منهم فلمّا وجدا نظيره قوله : {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} فقالت اليهود والنصارى : لسنا على ما سميتنا بهِ يا محمد إنَّ اليهودية والنصرانية سبّ هو الشرك، والدين هو الإسلام ونحن عليه. |
﴿ ١٩ ﴾