٢٠

{فَإِنْ حَآجُّوكَ} : خاصموك يا محمد في الدين،

{فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ} : أي انقدت (لأمر اللّه) {للّه} : وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي،

إنَّما خص الوجه لإنَّهُ؛ أكرم جوارح الإنسان،

وفيه بهاؤه وتعظيمه،

فإذا خضع وجهه لشيء فقد خضع له سائر جوارحه التي هي دون وجهه.

وقال الفرّاء : معناه أخلصت عملي للّه.

يُقال : أسْلمت الشيء لفلان وسلمتهُ له،

أي دفعته إليه (......) ومن هذا يُقال : أسلمتُ الغلام إلى (....) وفي صناعة كذا. أي أخلصت لها.

والوجه : العمل كقوله : {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} : أي قصده وعمله. وقوله : {إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} .

{وَمَنِ اتَّبَعَنِى} : (من) في محل الرفع عطفاً على التاء في قوله : {أَسْلَمْتُ} أي : ومن اتبعني أسْلم كما أسلمت.

وأثبت بعضهم ياء قوله : {اتَّبَعَنِى} على الأصل،

وحذفهُ الآخرون على لفظ ينافي المصحف (إذا وقعت فيه بغير ياء). وأنشد :

كفاك كفَّ ما تليق درهماً

جوداً وأخرى تعط بالسيف دماً

وقال آخر :

ليس تخفى يسارتي قدر يوم

ولقد يخفِ شيمتي إعساري

{وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ} : يعني العرب (ءأسْلمتم) : لفظ استفهام ومعناهُ أمر،

أي أسلموا كقوله :

{فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} : أي نهوا،

{فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا} : فقرأ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) هذه الآية،

فقال أهل الكتاب : أسلمنا. فقال للنصارى : أتشهدون أنَّ عيسى كلمة من اللّه وعبدهُ ورسوله،

فقالوا : معاذ اللّه.

وقال لليهود : إنّ عزير هو عبداللّه ورسوله،

قالوا : معاذ اللّه فذلك قوله : {فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} . بتبليغ الرسالة،

{وَاللّه بَصِيرُ بِالْعِبَادِ} : عالم بمن يؤمن باللّه ومن لا يؤمن باللّه وبأهل الثواب وبأهل العقاب.

﴿ ٢٠