١٠٤{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ} أي ولتكونوا أُمة من صلة، كقوله {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ اوْثَانِ} ، ولم يرد اجتناب رجس الأوثان وإنما فاجتنبوا الأوثان وإنها رجس. واللام في قوله {وَلْتَكُن} لام الأمر. {يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} : الإسلام {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعنا ابن الزبير يقرأ : (ولتكن منكم أُمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون على ما أصابهم). وروي مثله عن عثمان (..........). فصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر روى حسان بن سليمان عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة اللّه في أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه). وعن عبد اللّه بن عمر عن درة بنت أبي لهب قالت : جاء رجل إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) وهو على المنبر فقال : يا رسول اللّه من خير الناس؟ قال : (أَأْمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأتقاهم للّه تعالى، وأوصلهم لأرحامه). عن ابن عباس قال : قلنا : يا رسول اللّه، ما نعمل نأتمر بالمعروف حتى لا يبقى من المعروف شيء إلاّ ائتمرنا به، وننتهي عن المنكر حتى لا يبقى من المنكر شيء إلاّ انتهينا عنه، ولم نأمر بالمعروف ولم ننه عن المنكر، فقال : (مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به، وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه كله). الشعبي عن النعمان بن بشير قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (مثل الفاسق في القوم كمثل قوم ركبوا سفينة فاقتسموها فصار لكل إنسان منها نصيب فأخذ رجل منهم فأساً فجعل ينقر في موضعه، وقال له أصحابه : أي شيء تصنع، تريد أن تغرق وتغرقنا؟ قال : هو مكاني، فإن أخذوا على يده نجوا ونجا وإن تركوه غرق وغرقوا). وقال علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه : (أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشنآن الفاسقين؛ فمن أمر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق، ومن شنأ المنافقين وغضب للّه عز وجل غضب اللّه تعالى له). وقال أبو الدرداء : لتأمرنّ بالمعروف ولتنهوُنّ عن المنكر أو ليسلطن اللّه عليكم سلطاناً ظالماً لا يجلّ كبيركم ولا يرحم صغيركم ويدعو خياركم فلا يستجاب لهم، ويستنصرون فلا ينصرون، ويستغفرون فلا يغفر لهم. وقال حذيفة اليماني : يأتي على الناس زمان لئن يكون فيهم جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. وقال الثوري : إذا كان الرجل مُحبّباً في جيرانه محموداً عند القوم فاعلم أنه مداهن. |
﴿ ١٠٤ ﴾