١٥٧{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّه} الآية. الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إنّ عيسى (عليه السلام) استقبل رهطاً من اليهود وقالوا : الفاجر بن الفاجرة والفاعل بن الفاعلة، فقذفوه وأُمّه فلما سمع عيسى ذلك دعا عليهم، وقال : اللّهم أنت ربي وأنا عبدك من روح نفخت ولم أُتَّهم من تلقاء نفسي (اللّهم فالعن من سبّني وسبَّ أُمّي) فاستجاب اللّه دعاءه ومسخ الذين سبوّه وسبّوا أُمّه خنازير، فلما رأى رأس اليهود ما جرى بأميرهم فزع لذلك وخاف دعوته آنفاً فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى فاجتمعوا عليه وجعلوا يسألونه فقال لهم : كفرتم وان اللّه يبغضكم، فغضبوا من مقالته غضباً شديداً وثاروا إليه ليقتلوه فبعث اللّه تعالى جبرئيل، وأدخله خوخة فيها روزنة في سقفها فصعد به إلى السماء من تلك الروزنة فأمر يهودا رأس اليهود رجلاً من أصحابه يقال له ططيانوس أن يدخل الخوخة ويقتله فلما دخل ططيانوس الخوخة لم ير عيسى بداخلها فظنوا إنه يقاتله فيها وألقى اللّه تعالى عليه شبه عيسى، فلما خرج ظن إنه عيسى فقتلوه وصلبوه. مقاتل : إن اليهود وكّلوا بعيسى رقيب عليه يدور معه حيثما دار فصعد عيسى الجبل، فجاء الملك فأخذ ضبعيه ورفعه إلى السماء فألقى اللّه تعالى على الرقيب شبه عيسى، فلما رأوه ظنوا انه عيسى فقتلوه وصلبوه، وكان يقول : أنا لست بعيسى، أنا فلان بن فلان، فلم يصدّقوه فقتلوه. وقال السدّيّ : إنهم حبسوا عيسى مرّتين في بيت فدخل عليهم رجل منهم وألقى اللّه تعالى عليه شبه عيسى ورفع عيسى إلى السماء من كوّة في البيت فدخلوا عليه وقتلوه بعيسى. قتاده : ذكر لنا إن نبي اللّه عيسى بن مريم قال لأصحابه : أيّكم يقذف عليه شبهي فإنّه مقتول فقال رجل من القوم : أنا يا نبيّ اللّه فشبّه الرجل ومنع اللّه تعالى عيسى ورفعه إليه فلما رفعه اللّه إليه كساه الريش وألبسه النور وحطّ عنه لذة المطعم والمشرب وصار مع الملائكة يدور حول العرش وكان إنسياً ملكياً سمائياً أرضياً. وهب بن منبه : أوحى اللّه تعالى إلى عيسى على رأس ثلاثين سنة ثم رفعه اللّه إليه وهو (أربع) وثلاثين سنة وكانت نبوته (ثلاثة سنين). قوله تعالى {وَقَوْلِهِمْ} يعني اليهود {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّه} فكذبهم اللّه تعالى {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَاكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ} . الكلبي : إختلافهم فيه فاليهود قالت : نحن قتلناه وصلبناه. وقالت طائفة من النصارى : بل نحن قتلناه، وقالت طائفة منهم : ماقتلوه هؤلاء ولا هؤلاء بل رفعه اللّه إليه (ونحن ننظر إليه) وقال الذين لمّا قتل ططيانوس : ألم تروا إنه قتل وصلب فهذا إختلافهم وشكهم. قال محمد بن مروان : ويقال أنّ اللّه وضع في شبه من عيسى على وجه ططيانوس ولم يلق عليه شبه جسده وخلقه، فلما قتلوه نظروا إليه، فقالوا : إن الوجه وجه عيسى وإنّما هو ططيانوس، وقد قيل إن الذي شبَّه لعيسى وصلب مكانه رجل إسرائيلي وكان يقال له إيشوع بن مدين. قال السدي : اختلافهم فيه أنهم قالوا إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى، قال اللّه تعالى {مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَا} أي ما قتلوا عيسى يقيناً |
﴿ ١٥٧ ﴾