سورة الأنعام

مكية كلها غير ست آيات منها نزلت في المدينة {وَمَا قَدَرُوا اللّه حَقَّ قَدْرِهِ} إلى آخر ثلاث آيات وقوله {قل تعالوا أتل عليكم نبأكم} إلى قوله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فهذه الست مدنيات وباقي السورة كلها نزلت بمكة مجملة واحدة ليلاً ومعها سبعون ألف ملك وقد سدوا ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والتحميد،

فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (سبحان اللّه العظيم) وخر ساجداً ثم دعا الكتّاب فكتبوها من ليلتهم. وهي مائة وخمس وستون آية وكلها حجاج على المشركين،

كلماتها ثلاثة آلاف وإثنان وخمسون كلمة وحروفها إثنا عشر ألفاً وأربعمائة وعشرون حرفاً.

روى ابن عباس عن أُبي بن كعب عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (أنزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد فمن قرأ سورة الأنعام صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من الأنعام يوماً وليلة).

مسلم عن أبي صالح عن جابر بن عبد اللّه عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى قوله {وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} وكل اللّه به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من حديد،

فإذا أراد الشيطان أن يوسوس له ويوحي في قلبه شيئاً ضربه بها ضربة كان بينه وبينه سبعون حجاباً فإذا وكل يوم القيامة يقول للرب تبارك وتعالى أبشر في ظلي وكُل من ثمار جنتي واشرب من ماء الكوثر واغتسل من ماء السبيل وأنت عبدي فأنا ربك).

قال سعيد بن جبير : لم ينزل من الوحي شيء إلاّ ومع جبرئيل أربعة من الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه وهو قوله تعالى {لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} إلاّ الأنعام فإنها تنزل ومعها سبعون ألف ملك.

وروى سفيان عن أبي إسحاق عن عبد اللّه بن خليفة قال : قال عمر (رضي اللّه عنه) : الأنعام من نواجب القرآن.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

{الْحَمْدُ للّه الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض} الآية.

قال مقاتل : قال المشركون للنبي (صلى اللّه عليه وسلم) من ربك؟

قال : الذي خلق السماوات والأرض فكذبوه فأنزل اللّه عز وجل حامداً نفسه دالاّ بصفته على وجوده وتوحيده. {الحمد للّه الذي خلق السماوات في يومين} يوم الأحد ويوم الأثنين {الأرض فِى يَوْمَيْنِ} يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} قال السدي : يعني ظلمة الليل ونور النهار.

وقال الواقدي : كل ما في القرآن من الظلمات والنور يعني الكفر والإيمان.

وقال قتادة : يعني الجنة والنار وإنما جمع الظلمات ووحد النور لأن النور يتعدى والظلمة لا تتعدى.

وقال أهل المعاني : جعل هاهنا صلة والعرب تريد جعل في الكلام.

وقال أبو عبيدة : وقد جعلت أرى الإثنين أربعة والواحد إثنين لمّا هدَّني الكبر مجاز الآية : الحمد للّه الذي خلق السماوات والأرض والظلمات والنور،

وقيل : معناه خلق السماوات والأرض وقد جعل الظلمات والنور لأنه خلق الظلمة والنور قبل خلق السماوات والأرض.

وقال قتادة : خلق اللّه السماوات قبل الأرض والظلمة قبل النور والجنة قبل النار.

وقال وهب : أول ما خلق اللّه مكاناً مظلماً ثم خلق جوهرة فصارت ذلك المكان،

ثم نظر إلى الجوهرة نظر الهيئة فصارت دماً فارتفع بخارها وزبدها،

فخلق من البخار السماوات ومن الزبد الأرضين.

وروى عبد اللّه بن عمرو عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أنه قال : (إن اللّه عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه يومئذ من ذلك النور إهتدى ومن أخطأه ضلّ) {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} .

قال قطرب : هو مختصر يعني الذين كفروا بعد هذا البيان بربهم يعدلون الأوثان أي يشركون وأصله من مساواة الشيء بالشيء يقال : عدلت هذا بهذا إذا ساويته به.

وقال النضر بن شميل : الباء في قوله : {بِرَبِّهِمْ} بمعنى عن،

وقوله : {يَعْدِلُونَ} من العدول. أي يكون ويعرفون.

وأنشد :

وسائلة بثعلبة بن سير

وقد علقت بثعلبة العلوق

وأنشد :

شرين بماء البحر ثم ترفعت

متى لجج خضر لهن نئيج

أي من البحر قال اللّه تعالى : {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللّه} أي منها.

محمد بن المعافى عن أبي صالح عن ابن عباس قال : فتح أول الخلق بالحمد للّه،

فقال : {الْحَمْدُ للّه الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض} وختم بالحمد،

فقال : {وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

حماد عن عبد اللّه بن الحرث عن وهب قال : فتح اللّه التوراة بالحمد فقال : الحمد للّه الذي خلق السماوات والأرض وختمها بالحمد فقال : {وَقُلِ الْحَمْدُ للّه الَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} الآية.

﴿ ١