٨٩{قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّه كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِى مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّه مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ} نرجع إليها بعد إذ أنقذنا اللّه منها {إِلا أَن يَشَآءَ اللّه رَبُّنَا} تقول إلاّ أن يكون سبق لنا في علم اللّه ومشيئته أن نعود فيها فيمضي حينئذ قضاء اللّه فينا (وينفذ) حكمه وعلمه علينا {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} أحاط علمه بكل شيء فلا يخفى عليه شيء كان ولا شيء هو كائن {عَلَى اللّه تَوَكَّلْنَا} فيما تتوعدوننا به. واختلف العلماء في معنى قوله {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا} وقوله {وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ} فقال بعضهم : معناه أو لتدخلن فيها ولن تدخل (إلاّ) إن يشاء اللّه ربّنا فيضلنا بعد إذ هدانا. وسمعت أبا القاسم الحسين بن محمد الحبيبي يقول : سمعت عليّ بن مهدي الطبري بها يقول : إنّ عدنا في ملّتكم أي صرنا، لا أن نعود، يكون ابتداء ورجوعاً. قال أُميّة بن أبي الصلت : تلك المكارم لا قعبان من لبن شيباً بماء فعادا بعد أبوالا أي صار الآن اللبن، كأن لم تكن قط بولا. وسمعت (الحسين بن الحبيبي) قال : سمعت أبا زكريا العنبري يقول : معناه : إذ نجّانا اللّه منها في سابق علمه وعند اللوح والقلم. وقال بعضهم : كان شعيب ومَنْ آمن معه في بدء أمرهم مستخفين ثمّ أظهروا أمرهم وإنما قال لهم قومهم {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا} حسبوا أنّهم على ملّتهم (قيل : من هو معه) على أصحاب شعيب دون شعيب لأنّهم كانوا كفّاراً ثمّ آمنوا بالخطاب لهم وجواب شعيب عنهم لا عن نفسه، لأن شعيباً لم يكن كافراً قط وإنّما ناوله الخطاب في أصناف مَنْ فارق دينهم إليه. ورأيت في بعض التفاسير أن الملّة هاهنا الشريعة وكان عليه قبل نبوّته فلمّا (نُبّئ) فارقهم. ثمّ دعا شعيب على قومه إذ لمس ما فيهم فقال {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} أي اقض. وقال (المؤرخ) : افصل. وقال ابن عباس : ما كنت أدري ما قوله {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} حتّى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها : تعال أفاتحك أي أقاضيك . وقال الفراء : أهل عمان يسمّون القاضي الفاتح والفتّاح. وذكر غيره أنّه لغة مهاد. فأنشد لبعضهم : ألا أبلغ بني عصُم رسولا بأنّي عن فتاحتكم غنيّ |
﴿ ٨٩ ﴾