٢٥

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً} أي اختبار وبلاء يصيبكم.

وقال ابن زيد : الفتنة الضلالة {لاتصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة} واختلفوا في وجه قوله {لا تُصِيبَنَّ} من الاعراب.

فقال أهل البصرة : قوله (لا تصيبن) ليس بجواب ولكنّه نهي بعد أمره،

ولو كان جواباً ما دخلت النون.

وقال أهل الكوفة : أمرهم ثمّ نهاهم وفيه تأويل الجزاء فإن كان نهياً كقوله : {يا أيُّها النمل ادخلوا مساكنكم لايُحطّمنكم}. أمرهم ثمّ نهاهم،

وفيه تأويل الجزاء وتقديره : واتقوا اللّه إن لم تنتهوا أصابتكم.

وقال الكسائي : وقعت النون في الجر بمكان التحذير،

فلو قلت : قم لا أغضب عليك لم يكن فيه النون لأنّه جزاء محض.

وقال الفراء : هو جزاء فيه طرف من النهي كما تقول : أنزل عن الدابة لا يطرحك. ولا يطرحنك فهذا (جزاء من) الأمر بلفظ النهي. ومعناه : إن تنزل عنه لا يطرحنّك.

قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أصحاب النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) خاصة. وقال : أمر اللّه المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم اللّه بالعذاب.

وقال الحسن : نزلت في عليّ وعمار وطلحة والزبير قال الزبير بن العوّام : يوم الجمل لقد قرأنا هذه الآية زماناً وما أرنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها.

واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة. فحلفنا حتّى أصابتنا خاصّة. قال السدي : هذه الآية نزلت في أهل بدر خاصّة فأصابتهم يوم الجمل فأقبلوا.

وقال عبد اللّه بن مسعود ما منكم من أحد إلاّ هو مشتمل على الفتنة إنّ اللّه يقول : {أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} فإيّكم استعاذ فليستعذ باللّه من مضلاّت الفتن.

حذيفة بن اليمان قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (يكون من ناس من أصحابي إساءة يغفرها اللّه لهم بصحبتهم إياي يستنّ بهم فيها ناس يعذبهم فيدخلهم اللّه بها النار).

يحيى بن عبد اللّه عن أبيه عن أبي هريره قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (لا تقوم الساعة حتّى تأتي فتنة (عمياء مظلمة) المضطجع فيها خير من الجالس والجالس فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي).

فقال رجل من أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يا رسول اللّه إن أدركتني (وأنا مضطجع) قال : (فامش).

قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا أمشي. قال (ارقد) قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا راقد فأجلس. قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا جالس.

قال : (فقل هكذا بيدك،

وضم يديه الى جسده،

حتّى تكون عند اللّه المظلوم ولا تكون عند اللّه الظالم).

عن زيد بن أبي زياد عن زيد بن الأصم عن حذيفه قال : أتتكم فتن كقطع الليل المظلم يهلك فيها كل شجاع بطل وكل راكب موضع وكل خطيب مشفع

﴿ ٢٥