٢٧{يا أيُّها الذين آمنوا لا تخونوا اللّه والرسول} قال عطاء ابن أبي رباح : حدّثني جابر بن عبد اللّه أن أبا سفيان خرج من مكّة فأتى جبرئيل (عليه السلام) النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) فقال : إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا. فقال النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) لأصحابه : (إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا) قال : فكتب رجلا من المنافقين إليه أن محمداً يريدكم فخذوا حذركم فأنزل اللّه تعالى الآية. وقال السدي : كانوا يسمعون الشيء من النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) فيفشونه حتّى بلغ المشركين. وقال الزهري والكلبي : نزلت هذه الآية في أبي لبابة واسم أبي لبابة هارون بن عبد المنذر الأنصاري من بني عوف بن مالك وذلك أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا رسول اللّه الصلح على ما صالح عليه إخوانهم بني النظير على أن يسيروا الى إخوانهم إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام فأبى أن يعطيهم ذلك رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إلاّ أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأبوا وقالوا : أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر وكان مناصحاً لهم، لأن عياله وماله وولده كانت عندهم فبعثه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فأتاهم فقالوا : يا أبا لبابة ما ترى أنزل على حكم سعد بن معاذ فأشار أبو لبابة بيده إلى طقه أنّه الذبح فلا تفعلوا. قال أبو لبابة : واللّه ما زالت قدماي من مكانهما حتّى عرفت أن قد خنت اللّه والرسول فلمّا نزلت هذه الآية شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال : واللّه لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتّى أموت أو يتوب اللّه عليّ فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتّى خرّ مغميّاً عليه ثمّ تاب اللّه عليه، فقيل له : يا أبا لبابة قد تُبت عليك. قال : لا واللّه لا أحلّ نفسي حتّى يكون رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) هو الذي يحلّني فجاءه فحله بيده، ثمّ قال أبو لبابة : إن مَنْ تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب. وأن أنخلع من مالي، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (يجزيك الثلث إن تصدقت). فقال المغيرة بن شعبة : نزلت هذه الآية في قتل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه. قال محمد بن إسحاق : معنى الآية لا تظهروا له من الحق ما يرضى به منكم ثمّ تُخالفونه في السر إلى غيره. وقال ابن عباس : لا تخونوا اللّه بترك فرائضه، والرسول بترك سنته، وتخونوا أماناتكم. قال السدي : إذا خانوا اللّه والرسول فقد خانوا أماناتهم. وعلى هذا التأويل يكون قوله (ويخونوا) نصباً على جواب النهي. والعرب تنصب جواب النهي وقالوا كما ينصب بالفاء. وقيل : هو نصب على الصرف كقول الشاعر : لا تنهى عن خلق وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم وقال الأخفش : هو عطف على ما قبله من النهي، تقديره : ولا تخونوا أماناتكم. وقرأ مجاهد : أمانتكم واحدة. واختلفوا في هذه (الآية) فقال ابن عباس : هو ما يخفي عن أعين الناس من فرائض اللّه عزّ وجلّ والأعمال التي ائتمن اللّه عليها العباد يقول لا تنقضوها. وقال ابن زيد : معنى الامانات هاهنا الدين وهؤلاء المنافقون ائتمنهم اللّه على دينه فخانوا، إذ أظهروا الإيمان وأسرّوا الكفر. قال قتادة : إنّ دين اللّه أمانة فأدّوا الى اللّه ما ائتمنكم عليه من فرائضه وحدوده. ومَنْ كانت عليه أمانة فليردّها إلى مَنْ أئتمنه عليها. |
﴿ ٢٧ ﴾