٣

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} أي نقرأ،

وأصل القصص تتبع الشيء،

ومنه قوله تعالى {وَقَالَتْ خْتِهِ قُصِّيهِ} فالقاص يتتبع الآثار ويخبر بها.

{أَحْسَنَ الْقَصَصِ} يعني قصة يوسف {بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} و {مَآ} المصدر أي بإيحائنا إليك هذا القرآن {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ} من قبل وحينا {لَمِنَ الْغَافِلِينَ} قال سعد بن أبي وقاص : أُنزل القرآن على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فتلاه عليهم زماناً،

وكأنهم ملّوا فقالوا : لو قصصت علينا،

فأنزل اللّه تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} الآية،

فقالوا : يا رسول اللّه لو ذكرتنا وحدثتنا فأنزل اللّه تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} الآية،

فقال اللّه تعالى على هذه الآية : أحسن القصص.

واختلف الحكماء فيها لم سميت أحسن القصص من بين الأقاصيص؟

فقيل : سماها أحسن القصص لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم والنكت ما تتضمن هذه القصة،

وقيل : سمّاها أحسن لامتداد الأوقات فيما بين مبتداها إلى منتهاها،

قال ابن عباس : كان بين رؤيا يوسف ومصير أبيه وأخوته إليه أربعون سنة،

وعليه أكثر المفسرين،

وقال الحسن البصري : كان بينهما ثمانون سنة.

وقيل : سماها أحسن القصص لحسن مجاورة يوسف إخوته،

وصبره على أذاهم،

وإغضائه عند الإلتقاء بهم عن ذكر ما تعاطوه،

وكرمه في العفو عنهم وقيل : لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والأنس والجن والأنعام والطير،

وسير الملوك والمماليك،

والتجار والعلماء والجهال،

والرجال والنساء،

وحيلهن ومكرهن،

وفيها أيضاً ذكر التوحيد والعفة والسير وتعبير الرؤيا والسياسة وتدبير المعاش،

وجعلت أحسن القصص لما فيها من المعاني الجزيلة والفوائد الجليلة التي تصلح للدين والدنيا،

وقيل : لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب. وقيل : أحسن القصص هاهنا بمعنى أعجب.

﴿ ٣