٢٣

{مَذْمُوماً مَخْذُولا وَقَضَى} أمر {رَبَّكَ} .

قال ابن عبّاس وقتادة والحسن قال زكريا بن سلام : جاء رجل إلى الحسن وقال إنه طلق امرأته ثلاثاً،

فقال : إنك عصيت ربك وبانت منك امرأتك. فقال الرجل : قضى اللّه ذلك عليَّ.

قال الحسن وكان فصيحاً : ما قضى اللّه،

أي ما أمر اللّه وقرأ هذه الآية {وقضى ربك ألاّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ} فقال الناس : تكلم الحسن في (القدر).

وقال مجاهد وابن زيد : وأوصى ربك،

ودليل هذا التأويل قراءة علي وعبد اللّه وأُبيّ : ووصى ربك.

وروى أبو إسحاق (الكوفي) عن شريك بن مزاحم أنه قرأ : ووصى ربك وقال : إنهم (أدغوا) الواو بالصاد فصارت قافاً.

وقال الربيع بن أنس : (وأوجب) ربك إلاّ تعبدو إلاّ إياه.

{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي وأمر بالأبوين إحساناً بّراً بهما وعطفاً عليهما {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ} الكسائي بالالف،

وقرأ الباقون : يبلغن بغير الألف على الواحدة وعلى هذه القراءة قوله {أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلاهُمَا} كلام (مستأنف) كقوله ف{عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ} وقوله {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} ثمّ ابتدأ فقال : {فَلا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} فيه ثلاث لغات بفتح الفاء (حيث قد رفع) وهي قراءة أهل مكة والشام واختيار يعقوب وسهيل.

و (أُفّ) بالكسر والتنوين وهي قراءة أهل المدينة وأيوب وحفص.

و (أُفّ) مكسور غير منون وهي قراءة الباقين من القراء،

وكلها لغات معروفة معناها واحد.

قال ابن عبّاس : هي كلمة كراهة. مقاتل : الكلام الرديء الغليظ.

أبو عبيد : أصل الأف والتف الوسخ على الأصابع إذا فتلته وفرق الآخرون بينهما فقيل الأف ما يكون في المغابن من العرق والوسخ،

والتف ما يكون في الأصابع،

وقيل : الأف وسخ الأذن والتف وسخ (الأظفار) وقيل : الأف وسخ الظفر والتف ما رفعت يدك من الأرض من شيء حقير.

{وَلا تَنْهَرْهُمَا} لاتزجرهما {وَقُل لَّهُمَا قولا كريما} حسناً جميلاً.

وقال ابن المسيب : كقول العبد المذنب للسيد الفظ.

وقال عطاء : لا تسمهما ولا تكنّهما وقل لهما : يا أبتاه ويا أماه.

مجاهد في هذه الآية : إن بلغا عندك من الكبر ما يبولان ويُحدثان فلا تتعذرهما.

ولا تقل لهما أف حين ترى الأذى وتميط عنهما الخراء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيراً (ولا توذهما) (وروى سعيد بن المسيب : أن (العاق) يموت ميتة سوء،

وقال رجل لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) : إن أبوي بلغا من الكبر أني أُوليهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما؟

قال (صلى اللّه عليه وآله) : (لا فإنهما كانا يفعلان لك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل وأنت تريد موتهما)).

﴿ ٢٣