١٢

{نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} وإنّما كرّر الكناية لتوكيد الدلالة وإزالة الشبهة وتحقيق المعرفة،

ونظيره قوله للرسول عليه السلام {وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} .

{فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} وكان السبب في أمره بخلع نعليه ما أخبرنا عبد اللّه بن حامد،

قال : أخبرنا أحمد بن يحيى العبيدي قال : حدَّثنا أحمد بن نجدة قال : حدَّثنا الحمّاني قال : حدَّثنا عيسى بن يونس عن حميد بن عبد اللّه عن عبد اللّه بن الحرث العنبسي عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) في قوله {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} قال : كانتا من جلد حمار ميّت،

وفي بعض الأخبار : غير مدبوغ،

وقال الحسن : ما بال خلع النعلين في الصلاة وصلّى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) في نعليه؟

وإنّما أُمر موسى عليه السلام أن يخلع نعليه إنّهما كانتا من جلد حمار،

وقال أبو الأحوص : أتى عبد اللّه أبا موسى في داره فأُقيمت الصلاة فقال لعبد اللّه تقدّم،

فقال له عبد اللّه : تقدّم أنت في دارك فتقدّم فنزع نعليه،

فقال له عبد اللّه : أبالواد المقدّس أنت ؟.

وقال عكرمة ومجاهد : إنّما قال له : اخلع نعليك كي تمسّ راحة قدميك الأرض الطيّبة وينالك بركتها لأنّها قدّست مرّتين.

وقال بعضهم : أُمر بذلك لأنّ الحفوة من أمارات التواضع،

وكذلك فعل السّلف حين طافوا بالبيت.

قال سعيد بن جبير : قيل له : طأ الأرض حافياً،

كيما يدخل كعبه من بركة الوادي.

وقال أهل الاشارة : معناه : فرِّغ قلبك من شغل الأهل والولد.

قالوا : وكذلك هو في التعبير من رأى عليه نعلين تزوّج.

فخلعهما موسى وألقاهما من وراء الوادي {إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ} المطهّر {طُوًى} اسم الوادي،

وقال الضحاك : مستدير عميق مثل الطوى في استدارته،

وقيل : اراد به إنك تطوي الوادي،

وقيل : هو الليل،

يقال : أتيتك طوى من الليل،

وقيل : طُويَت عليه البركة طيّاً،

وقرأ عكرمة : طوى بكسر الطاء وهما لغتان،

وقرأ أهل الكوفة والشام : طِوَىً بالتنوين وإلاّ جرّاً لتذكيره وتحقيقه،

الباقون من غير تنوين،

قال : لأنّه معدول عن طاو أو مطوىّ،

فلّما كان معدولاً عن وجهه كان مصروفاً عن إعرابه مثل عمر وزفر وقثم.

﴿ ١٢