٥

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم} يعني أباكم آدم الذي هو أصل النسل ووالد البشر {مِّن تُرَابٍ} ثم ذرّيته {مِن نُّطْفَةٍ} وهو المنيّ وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} وهي الدم العبيط الجامد وجمعها علق {ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ} وهي لحمة قليلة قدر ما تمضع {مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} .

قال ابن عباس وقتادة : تامّة الخلق وغير تامة.

وقال مجاهد : مصوّرة وغير مصوّرة يعني السقط.

قال عبد اللّه بن مسعود : إذا وقعت النطفة في الرحم بعث اللّه عزّ وجلّ مَلَكاً فقال : يا رب مخلّقة أو غير مخلقة؟

فإن قال : غير مخلّقة مجّتها الأرحام دماً وإن قال : مخلّقة قال : يا ربّ فما صفة هذه النطفة؟

أذكر أم أُنثى؟

ما رزقها؟

ما أجلها؟

أشقي أم سعيد؟

فيقال له : انطلق إلى أُمّ الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة،

فينطلق الملك فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي على آخر صفتها.

{لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ} كمال قدرتنا وحكمتنا في تصريفنا أطوار خلقكم.

{وَنُقِرُّ} روي عن عاصم بفتح الراء على النسق،

غيره : بالرفع على معنى ونحن نقرُ (في الأرحام) {مَا نَشَآءُ} فلا تمجّه ولا تسقطه {إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} وقت خروجها من الرحم تامّ الخلق والمدّة {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ} من بطون أُمهاتكم {طِفْ} صغاراً ولم يقل أطفالاً لأنّ العرب تسمّي الجمع باسم الواحد.

قال الشاعر : إنّ العواذل ليس لي بأمير

ولم يقل أُمَراء.

وقال ابن جريج : تشبيهاً باسم المصدر مثل : عدل وزور،

وقيل : تشبيهاً بالخصم والضيف.

{ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} كمال عقولكم ونهاية قواكم.

{وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى} قبل بلوغ الأشدّ {وَمِنكُم مَّن} يعمّر حتى {يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} وهو الهرم والخرف {لِكَيْ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شيئا} .

ثمَّ بيَّن دلالة أُخرى للبعث فقال تعالى {وَتَرَى الأرض هَامِدَةً} يابسة دارسة الأثر من الزرع والنبات كهمود النار.

{فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ} المطر {اهْتَزَّتْ} تحرّكت بالنبات {وَرَبَتْ} أي زادت وأضعفت النبات بمجيء الغيث،

وقرأ أبو جعفر : ربأت بالهمز،

ومثله في حم السجدة أي ارتفعت وعلت وانتفخت،

من قول العرب : ربا الرجل إذا صعد مكاناً مشرفاً،

ومنه قيل للطليعة رئبة.

{وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج بَهِيجٍ} صنف حسن

﴿ ٥