١١

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ} الآية.

نزلت في أعراب كانوا يقدمون على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) المدينة مهاجرين من باديتهم فكان أحدهم إذا قدم المدينة،

فإن صحّ بها جسمه ونتجت فرسه مهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً وكثر ماله وماشيته رضي به واطمأنَّ إليه وقال : ما أصبت مذ دخلت في ديني هذا إلا خيراً،

وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وأجهضت رماكه وذهب ماله وتأخرّت عنه الصدقة،

أتاه الشيطان فقال : واللّه ما أصبت مذ كنت على دينك هذا إلاّ شرّاً،

فينقلب عن دينه،

وذلك الفتنة،

فأنزل اللّه سبحانه {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ} أي طرف واحد وجانب في الدين لا يدخل فيها على الثبات والتمكين،

والحرف : منتهى الجسم،

وقال مجاهد : على شكّ.

وقال بعض أهل المعاني : يريد على ضعف في العبادة كضعف القائم على حرف مضطرباً فيه.

وقال بعضهم : أراد على لون واحد في الأحوال كلّها يتّبع مراده،

ولو عبدوا اللّه في الشكر على السرّاء والصبر على الضرّاء لما عبدوا اللّه على حرف.

وقال الحسن : هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه.

{فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ} صحة في جسمه وسعة في معيشته {اطْمَأَنَّ بِهِ} أي رضي واطمأن إليه وأقام عليه.

{وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} بلاء في جسمه وضيق في معاشه وتعذّر المشتهى من حاله {انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} ارتدّ فرجع إلى وجهه الذي كان عليه من الكفر {خَسِرَ الدُّنْيَا وَاخِرَةَ} وقرأ حميد الأعرج ويعقوب : خاسر الدنيا بالألف على مثال فاعل،

والآخرة خفضاً،

على الحال.

{ ذلك هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} الضرر الظاهر

﴿ ١١