١٤-١٥

{إِنَّ اللّه يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الاْنْهَارُ إِنَّ اللّه يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللّه فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَة} اختلفوا في المعنى بالهاء التي في قوله ينصره،

فقال أكثر المفسّرين : عنى بها نبيّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال قتادة : يقول : من كان يظنّ أن لن ينصر اللّه نبيّه {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} بحبل {إِلَى السَّمَآءِ} إلى سقف البيت فليختنق به حتى يموت {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} الحبل بعد الاختناق {فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ} صنيعه وحيلته {مَا يَغِيظُ} هذا قول أكثر أهل التأويل،

وإنّما معنى الآية : فليصوّر هذا الأمر في نفسه وليس يختم لأنّه إذا اختنق ومات لا يمكنه القطع والنظر.

قال الحسين بن الفضل : هذا كما تقول في الكلام للحاسد أو المعاند : إن لم ترض هذا فاختنق.

وقال ابن زيد : السماء في هذه الآية هي السماء المعروفة بعينها،

وقال : معنى الكلام : من كان يظن أن لن ينصر اللّه نبيّه ويكايده في دينه وأمره ليقطعه عنه،

فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه فإنّ أصله في السماء،

فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) الوحي الذي يأتيه من اللّه،

فإنه لا يكايده حتى يقطع أصله عنه،

فلينظر هل يقدر على إذهاب غيظه بهذا العمل.

وذُكر أنّ هذه الآية نزلت في قوم من أسد وغطفان تباطؤوا عن الإسلام وقالوا : نخاف أن لا يُنصَرَ محمد فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميروننا ولا يؤوننا،

فقال اللّه لهم : من استعجل من اللّه نصر محمد فليختنق،

فلينظر استعجاله بذلك في نفسه هل هو مذهب غيظه،

فكذلك استعجاله من اللّه نصر محمد غير مقدم نصره قبل حينه.

وقال مجاهد : الهاء في ينصره راجعة إلى من،

ومعنى الكلام : من كان يظن أن لن يرزقه اللّه في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى سماء البيت فليختنق،

فلينظر هل يذهبن فعله ذلك ما يغيظ وهو خنقه أن لا يرزق،

والنصر على هذا القول : الرزق،

كقول العرب : من ينصرني نصره اللّه أي من يعطني أعطاه اللّه.

قال أبو عبيد : تقول العرب : (أرض منصورة) أي ممطورة كأن اللّه سبحانه أعطاها المطر.

وقال الفقعسي :

وإنّك لا تعطي أمرءاً فوق حقّه

ولا تملك الشقّ الذي الغيث ناصر

وفي قوله (ما يغيظ) لأهل العربيّة قولان :

أحدهما : أنّها بمعنى الذي مجازة هل يذهبن كيده الذي يغيظه فحذف الهاء ليكون أخفّ.

والثاني : أنّها مصدر،

مجازه : هل يذهبن كيده غيظه.

﴿ ١٤