١١

{الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} أي البستان ذا الكرم،

قال مجاهد : هي بالرومية،

عكرمة : هي الجنة بلسان الحبش،

السدّي : هي البساتين عليها الحيطان بلسان الروم.

وفي الحديث : إن حارثة بن سراقة قُتل يوم بدر فقالت أُمّه : يا رسول اللّه إن كان ابني من أهل الجنة لم أبك عليه،

وإن كان من أهل النار بالغت في البكاء،

فقال : (يا أُمّ حارثة إنّها جنان وإنّ ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى من الجنة).

أخبرني أبو الحسن عبد الرَّحْمن بن إبراهيم بن محمد الطبراني بها قال : حدَّثنا أبو عبد اللّه محمد بن يونس بن إبراهيم بن النضر المقري قال : حدَّثنا العباس بن الفضل المقري قال : حدَّثنا أبو زرعة عبيد اللّه بن عبد الكريم قال : حدَّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير المخزومي قال : حدّثني عبد اللّه بن لهيعة الحضرمي قال : حدَّثنا عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول اللّه سبحانه {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} يعني قد سعد المصدّقون بتوحيد اللّه سبحانه،

ثم نعتهم ووصف أعمالهم فقال عزَّ من قائل {الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} يعني متواضعين لا يعرف من على يمينه ولا من على يساره،

ولا يلتفت من الخشوع للّه {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} يعني الباطل والكذب {والذين هم للزكوة فاعلون} يعني الأموال كقوله سبحانه في الأعلى {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} يعني من ماله {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} يعني عن الفواحش،

ثم قال {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ

} يعني ولائدهم {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} لا يُلامون على جماع أزواجهم وولائدهم {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلك } فمن طلب الفواحش بعد الأزواج والولائد ما لم يحلّ {فَأُولَاكَ هُمُ الْعَادُونَ} يعني المعتدين في دينهم {وَالَّذِينَ هُمْ مَانَاتِهِمْ} يعني ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس {وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} يعني حافظين يؤدّون الأمانة ويوفون بالعهود

{والذين هم على صلواتهم يحافظون} يعني يحافظون عليها في مواقيتها،

ثمَّ أخبر بثوابهم فقال {أُولَاكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} ثمَّ بين مايرثون فقال {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} يعني الجنة بلسان الرومية {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} لا يموتون فيها.

أخبرنا محمد بن عقيل القطان قال : أخبرنا حاجب بن أحمد بن سفيان قال : حدَّثنا محمد بن حماد البيوردي قال : حدَّثنا عبد الرزاق قال : أخبرني يونس بن سليم قال أملى علىّ صاحب ايلة عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرَّحْمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب ح يقول : كان إذا نزل على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الوحي يُسمع عند وجهه كدوىّ النحل،

فمكثنا ساعة فاستقبل ورفع يديه فقال : (اللّهم زدنا ولا تنقصنا،

وأكرمنا ولا تُهنّا،

وأعطنا ولا تحرمنا،

وآثرنا ولا تؤثر علينا،

وارض عنّا،

ثمَّ قال : لقد أُنزل علينا عشر آيات من أقامهن دخل الجنّة،

ثمَّ قرأ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} عشر آيات).

﴿ ١١