١٠{تَبَارَكَ الَّذِى إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذلك } أي ممّا قالوا، عن مجاهد، وروى عكرمة عن ابن عباس قال : يعني خيراً من المشي في الأسواق والتماس المعاش، ثمَّ بيّن ذلك الخير ما هو فقال سبحانه وتعالى {جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورَا} أي بيوتاً مشيّدة، وسُمّي قصراً لأنّه قُصر أي حُبس ومُنع من الوصول إليه. واختلف القرّاء في قوله {وَيَجْعَل} فرفع لامه ابن كثير وابن عامر وعاصم برواية أبي بكر والمفضل، وجزمهُ الآخرون على محلّ الجزاء في : قوله إن شاء جعل. (أخبرنا) أبو عمرو أحمد بن أبي أحمد بن حمدون النيسابوري قال : أخبرنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب البخاري قال : حدّثنا محمد بن حميد بن فروة البخاري قال : حدّثنا أبو حذيفة إسحاق بن بشر البخاري قال : حدّثنا جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما عيّر المشركون رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بالفاقة فقالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، حزن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) لذلك ونزل عليه جبرئيل من عند ربه معزّياً له فقال : السلام عليك يا رسول اللّه، ربّ العزة يقرئك السلام ويقول لك : (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ أنّهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) ويتّبعون المعاش في الدنيا. قال : فبينا جبرئيل (عليه السلام) والنبي (صلى اللّه عليه وسلم) يتحدّثان إذ ذاب جبرئيل حتى صار مثل الهردة، قيل : يا رسول اللّه وما الهردة؟ قال : (العدسة) فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (يا جبرئيل مالك ذبت حتى صرت مثل الهردة؟ قال : يا محمد فتح باب من أبواب السماء لم يكن فتح قبل ذلك، فتحوّل الملك وأنّه إذا فُتح باب من السماء لم يكن فُتح قبل ذلك فتحوّل الملك، إمّا ان يكون رحمة أو عذاباً وإنّي أخاف أن يعذب قومك عند تعييرهم إياك بالفاقة، فأقبل النبي (صلى اللّه عليه وسلم) وجبرئيل (عليه السلام) يبكيان إذ عاد جبرئيل فقال : يا محمد أبشر، هذا رضوان خازن الجنة قد أتاك بالرضى من ربّك، فأقبل رضوان حتى سلّم، ثم قال : يا محمد، ربّ العزة يقرئك السلام ومعه سفط من نور يتلألأ ويقول لك ربّك : هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عندي في الآخرة مثل جناح بعوضة، فنظر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) إلى جبرئيل (عليه السلام) كالمستشير له فضرب جبرئيل بيده الأرض وقال : تواضع للّه. فقال : (يا رضوان لا حاجة لي فيها، الفقر أحبّ اليّ، وأن أكون عبداً صابراً شكوراً) فقال رضوان : أصبت أصاب اللّه بك. وجاء نداء من السماء فرفع جبرئيل رأسه فإذا السموات قد فتحت أبوابها الى العرش، وأوحى اللّه سبحانه وتعالى الى جنة عدن أن تدلي غصناً من أغصانها عليه عذق عليه غرفة من زبرجدة خضراء لها سبعون ألف من ياقوتة حمراء، فقال جبرئيل : يا محمد ارفع بصرك فرفع فرأى منازل الأنبياء وغرفهم وإذا منازله فوق منازل الأنبياء فضلاً له خاصة ومناد ينادي : أرضيت يا محمد؟ فقال النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (رضيت، فاجعل ما اردت أن تعطيني في الدنيا ذخيرة عندك في الشفاعة يوم القيامة). ويروون أنّ هذه الآية أنزلها رضوان (تبارك الذي ان شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً). |
﴿ ١٠ ﴾