٤قوله : {مَّا جَعَلَ اللّه لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ} نزلت في أبي معمر جميل (بن معمر) بن حبيب بن عبداللّه الفهري، وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما يسمع، فقالت قريش : ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء إلاّ وله قلبان. وكان يقول : إنّ لي قلبين أعقل بكلّ واحد منهما أفضل من عقل محمّد، فلمّا كان يوم بدر وهُزم المشركون وفيهم يومئذ أبو معمر تلقّاه أبو سفيان بن حرب، وهو معلِّق إحدى نعليه بيده والأُخرى في رِجله، فقال له : يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال : انهزموا، قال : فما بالك إحدى نعليك في يدك والأُخرى في رجلك، فقال له أبو معمر : ما شعرت إلاّ أنّهما في رجلي، فعرفوا يومئذ أنّه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده. وقال الزهري ومقاتل : هذا مثل ضربه اللّه للمُظاهر من امرأته، وللمتبنّي ولد غيرهِ، يقول : فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أُمّه حتى يكون له أُمّان، ولا يكون ولد أحد ابن رجُلين. قوله : {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّائى} قرأ أبو جعفر وأبو عمر ووَرش بغير مدّ ولا همز، ممدودة مهموزة بلا ياء، نافع غير ورش وأيّوب ويعقوب والأعرج، وأنشد : من اللاّءِ لم يحججن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البريء المغفّلا وقرأ أهل الكوفة والشام بالمدّ والهمز وأثبات الياء واختاره أبو عبيد للاشباع واختلف فيه، عن ابن كثير وكلّها لغات معروفة {تَظَاهَرُونَ} بفتح التاء وتشديد الظاء شامي. بفتح التاء وتخفيف الظاء كوفي غير عاصم، واختاره أبو عبيد بضمّ التاء وتخفيف الظاء وكسر الهاء عاصم والحسن. قال أبو عمرو : هذا منكر لأنّ المظاهرة من التعاون والآية نزلت في أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم أخي عبادة، وفي امرأته خولة بنت ثعلبة بن مالك يقول اللّه تعالى : مَا جَعَلَ نساءكم اللاتي تقولون : هنّ علينا كظهور أمّهاتنا في الحرام كما تقولون، ولكنّها منكم معصية وفيها كفّارة وأزواجكم لكم حلال، وسنذكر القصّة والحكم في سورة المجادلة إن شاء اللّه. قوله : {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ} يعني من تبنّيتموه {أَبْنَآءَكُمْ} نزلت في زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي من بني عبد ودّ، كان عبداً لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فأعتقه وتبنّاه قبل الوحي، وآخى بينه وبين حمزة بن عبد المطّلب في الإسلام، فجعل الفقير أخاً للغني ليعود عليه، فلمّا تزوّج النبي صلّى اللّه عليه زينب بنت جحش الأسدي وكانت تحت زيد بن حارثة، فقالت اليهود والمنافقون : تَزَوج محمّد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عنها، فأنزل اللّه عزّ وجلّ هذه الآيات وقال : {ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ} ولا حقيقة له، يعني قولهم : زيد ابن محمّد |
﴿ ٤ ﴾