٢٨-٢٩قوله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} متعة الطلاق {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللّه وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ} فأطعتنهما {فَإِنَّ اللّه أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} قال المفسِّرون : كان أزواج النبي صلّى اللّه عليه سألنه شيئاً من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة والغيرة، فهجرهن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وآلى أنْ لا يقربهن شهراً، ولم يخرج إلى أصحابه صلوات، فقالوا : ما شأنه؟ فقال عمر : إنْ شئتم لأعلمن لكم ما شأنه، فأتى النبي (عليه السلام) فجعل يتكلّم ويرفع صوته حتى أذن له، قال : فجعلت أقول في نفسي : أيّ شيء أُكلِّم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه لعلّه ينبسط؟ فقلت : يا رسول اللّه لو رأيت فلانة وسألتني النفقة، فصككتها صكّة فقال : ذلك أجلسني عنكم. فأتى عمر حفصة فقال : لا تسألي رسول اللّه شيئاً ما كانت لكِ من حاجة فإليّ، قال : ثمّ تتبّع نساء النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فجعل يكلِّمهنّ، فقال لعائشة : أيعزّك أنّكِ امرأة حسناء وأنّ زوجك يحبّكِ لتنتهن أو لينزلن فيكنّ القرآن، قال : فقالت له أُمّ سلمة : يابن الخطّاب أوما بقي لك إلاّ أنْ تدخل بين رسول اللّه وبين نسائه؟ مَن يسأل المرأة إلاّ زوجها؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ هذه الآيات. وكانت تحت رسول اللّه صلّى اللّه عليه يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأمّ سلمة بنت أبي أمية، وصفية بنت حيي الخيبرية، وميمونة بنت الحرث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحرث المصطلقية، فلمّا نزلت آية التخيير بدأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه بعائشة، وكانت أحبّهنّ إليه، فخيّرها وقرأ عليها القرآن، فاختارت اللّه ورسوله والدار الآخرة، فَرؤيَ الفرح في وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وتابعنها على ذلك. قال قتادة : فلمّا اخترن اللّه ورسوله، شكرهنّ اللّه على ذلك، وقصره عليهن وقال : (لا يحلّ لك النساء من بعد) الآية. أخبرنا عبداللّه بن حامد عن محمد بن الحسين عن أحمد بن يوسف عن عبدالرزّاق عن معمر، أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة قالت : لمّا مضت تسع وعشرون ليلة دخل عليَّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه فقلت : يا رسول اللّه، إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهراً وإنّك قد دخلت عليَّ من تسع وعشرين أعدّهن، فقال : إنّ الشهر تسع وعشرون، ثمّ قال : يا عائشة إنّي ذاكر لك أمراً فلا عليكِ أنْ لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، قالت : ثمّ قرأ عليَّ هذه الآية : {يا أيُّها النَّبيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا} حتى بلغ {أَجْرًا عَظِيمًا} . قالت عائشة : قد علم واللّه إنّ أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت : في هذا أستامر أبويّ؟ فإنّي أُريد اللّه ورسوله والدار الآخرة. قال معمر : فحدّثني أيّوب أنّ عائشة قالت : لا تخبر أزواجك انّي اخترتك، فقال النبي صلّى اللّه عليه : إنّما بعثني اللّه مبلِّغاً ولم يبعثني متعنّتاً. وأخبرنا محمّد بن عبداللّه بن حمدون عن (أحمد بن محمّد بن الحسن) عن محمد بن يحيى عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري عن (أبي) سلمة أنّ عائشة قالت : لمّا أُمر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بتخيير أزواجه بدأ بي، فقال : إنّي مخبركِ خبراً فلا عليك أنْ لا تعجلي حتّى تستأمري أبويكِ، ثمّ قال : إنّ اللّه عزّ وجلّ قال : {يا أيُّها النَّبيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا} حتّى بلغ {أَجْرًا عَظِيمًا} . فقلت : أفي هذا أستأمر أبويّ؟ فإنّي أُريد اللّه ورسوله والدار الآخرة. قالت : ثمّ فعل أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه مثل ما فعلتُ. |
﴿ ٢٩ ﴾