٨

قوله : {أفمن زين له} أي شُبّة وموّه وحُسّنَ له {سُوءُ} : قبح عمله وفعله {فَرَءَاهُ حَسَنًا} زين ذلك الشيطان بالوسواس ونفسه تميله إلى الشبهة وترك النظر في الحجة المؤدية إلى الحق،

واللّه سبحانه وتعالى يخلقه ذلك في قلبه،

وجوابه محذوف مجازه : أفمن زين له سُوء عمله كمن لم يزين له سوء عمله ورأى الحق حقاً والباطل باطلاً؟

نظيره قوله : {أَفَمَنْ هُوَ قَآمٌ عَلَى كُلِّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ} ،

وقوله {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} ونحوها.

وقيل : معناه : أفمن زين له سوء عمله فأضلّه اللّه كمن هداه؟

دليله قوله : {فَإِنَّ اللّه يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ} .

وقيل : معناه تحت قوله : {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} ،

فيكون معناه : أفمن زُيّن له سوء عمله فأضله اللّه ذهبت نفسك عليه حسرة،

أي تتحسف عليه؟

فلا تذهب نفسك عليهم حسرات،

وقال الحسين بن الفضل : فيه تقديم وتأخير،

مجازه : أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً فلا تُذهب نفسك عليهم حسرات فإنّ اللّه يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء،

والحسرة : شدة الحزن على ما فات من الأمر.

وقراءة العامة : (تذهَبَ نفسُك) : بفتح الباء والهاء وضم السين،

وقرأ أبو جعفر بضم التاء وكسر الهاء وفتح السين،

ومعنى الآية : لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إذ لم يؤمنوا،

نظيره {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} .

{إِنَّ اللّه عَلِيمُ بِمَا يَصْنَعُونَ} .

﴿ ٨