١٤{مِثلَ صَاعِقَةِ عَاد وَثَمُودَ إِذ جَاءَتُهُم} يعني عاداً وثموداً {الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يعني قبلهم وبعدهم. وأراد بقوله : {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} الرّسل الّذين أرسلوا إلى آباءهم من قبلهم ومن خلفهم، يعني من بعد الرّسل الّذين أرسلوا إلى آباءهم، وهو الرسول الّذي أرسل إليهم، هود وصالح (عليهما السلام)، والكناية في قوله : {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} راجعة إلى عاد وثمود، وفي قوله تعالى : {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} ، راجعة إلى الرسل. {أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللّه قَالُوا لَوْ شَآءَ رَبُّنَا نزَلَ مَلَاكَةً} بدل هؤلاء الرّسل ملائكة. {فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} . أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن حامد بن محمد الأصبهاني، قرأه عليه في شوال سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي، حدثنا أحمد بن نجدة بن العُرْيان، حدثنا الجماني حدثنا ابن فضيل، عن الأجلح من الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبد اللّه، قال : قال الملأ من قريش وأبو جهل : قد التبس علينا أمر محمّد، فلو إلتمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر، فأتاه فكلمه ثمّ أتانا ببيان من أمره، فقال عتبة بن ربيع : واللّه لقد سمعت بالشعر والكهانة والسحر، وعلمت من ذلك علماً، وما يخفى عليَّ إن كان ذلك. فأتاه، فلما خرج إليه، قال : يامحمّد، أنت خير أم هاشم؟، أنت خير أم عبد المطلب؟، أنت خير أم عبد اللّه؟، فبم تشتم آلهتنا، ونضلك إيانا، فإن تتمنى الرئاسة عقدنا لك ألويتنا، فكنت رئيسنا ما بقيت، وإن كانت بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي أبيات قريش، وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني أنت وعقبك من بعدك، ورسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ساكت لا يتكلم، فلما فرغ، قرأ رسول اللّه (عليه السلام) : {بسم اللّه الرّحمان الرّحيم. حم. تنزيل من الرّحمن الرّحيم. كتاب فصّلت آياته قرآناً عربيًّا}... إلى قوله : {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش، فاحتبس عنهم عتبة، فقال أبو جهل : يامعشر قريش، واللّه ما نرى عتبة إلاّ قد (صَبَأ) إلى محمّد وأعجبه طعامه، وما ذاك إلاّ من حاجة أصابته، فانطلقوا بنا إليه، فانطلَقوا إليه. فأتاه أبو جهل فقال : واللّه ياعتبة، ما حبسك عنّا إلاّ إنّك صبوت إلى محمّد، وأعجبك طعامه، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمّد. فغضب عتبة وأقسم ألاّ يكلم محمّداً أبداً، وقال : واللّه لقد علمتم إنّي مّن أكثر قريش مالاً، ولّكني أتيته وقصصت عليه القصة، فأجابني بشيء، واللّه ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر. {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. حم. تنزيلٌ من الرّحمان الرّحيم. كتاب فصّلت آياته قرآناً عربيّا}... إلى قوله : {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف وقد علمتم إنّ محمّداً إذا قال شيئاً لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب. |
﴿ ١٤ ﴾