٣٠{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أخبرنا الحسين بن محمد الثقفي بقراءتي عليه، حدثنا الفضل الكندي، أخبرنا إبراهيم بن عبد اللّه الزيدي العسكري، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو قتيبة سلمة بن قتيبة، حدثنا سهل بن أبي حزم عن ثابت عن أنس عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) في قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال : من مات عليها، فهو ممّن استقام. أخبرنا الحسين بن محمد الثقفي بقراءتي عليه، حدثنا عبيد بن محمد بن شنبه، حدثنا جعفر ابن الفربابي، حدثنا محمد بن الحسن البلخي، أخبرنا عبد اللّه بن المبارك أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن سعيد بن عمران، عن أبي بكر الصديق ح، {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال : لم يشركوا باللّه شيئاً. أخبرنا ابن فنجويه الثقفي، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا يونس، عن الزهري إنّ عمر بن الخطاب ح، قال وهو يخطب النّاس على المنبر : {الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا} فقال : استقاموا على طريقة اللّه بطاعته، ثمّ لم يروغوا روّغان الثعالب، وقال عثمان بن عفان ح : يعني أخلصوا العمل للّه، وقال علي بن أبي طالب ح : أدُّوا الفرائض. ابن عباس استقاموا على أداء فرائضه. أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه، حدثنا عبد اللّه بن يوسف بن أحمد بن مالك، حدثنا محمد بن موسى الحلواني، حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور، حدثنا مسكين أبو فاطمة عن شهر بن حوشب، قال : قال الحسن : وتلا هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا} فقال : استقاموا على أمر اللّه تعالى، فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته. مجاهد وعكرمة : استقاموا على شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، حتّى لحقوا به. قتادة وابن زيد : استقاموا على عبادة اللّه وطاعته، ابن سيرين : لم يعوجّوا، سفيان الثوري : عملوا على وفاق ما قالوا. مقاتل بن حيان : استقاموا على المعرفة ولم يرتدوا. مقاتل بن سليمان : استقاموا على إنّ اللّه ربّهم. ربيع : أعرضوا عما سوى اللّه تعالى. فضيل بن عياض : زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية. بعضهم : استقاموا إسراراً كما استقاموا إقرار، وقيل : استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً. روى ثابت عن أنس إنّ النبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال لما نزلت هذه الآية : (أمتي وربّ الكعبة). أخبرنا الحسن بن محمد الثقفي، حدثنا الفضل بن الفضل الكندي وأحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم السني، قالا : حدثنا أبو خليفة الفضل بن حيان الجمحي، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز، عن سفيان بن عبد اللّه الثقفي. قال : قلت : يارسول اللّه أخبرني بأمر أعتصم به، فقال : (قل ربّي اللّه ثمّ استقم) قال : قلت : ما أخوف ما تخاف عليّ؟ فأخذ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بلسان نفسه، وقال : (هذا). وروي إنّ وفداً أقدموا على النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقرأ عليهم القرآن، ثمّ بكى، فقالوا : أمن خوف الّذي بعثك تبكي؟ قال : (نعم، إنّي قد بعثت على طريق مثل حد السيف، إن استقمت نجوت، وإن زغت عنه هلكت). وقال قتادة : كان الحسن إذا تلا هذه الآية، قال : اللّهم أنت ربّنا فارزقنا الاستقامة. {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَاكَةُ} عند الموت {أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا} قال قتادة : إذا قاموا من قبورهم. قال وكيع بن الجراح البسري : تكون في ثلاثة مواطن : عند الموت، وفي القبر، وفي البعث، ألاّ يخافوا ولا يحزنوا. قال أبو العالية : لا تخافوا على صنيعكم ولا تحزنوا على مخلفكم. مجاهد : لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة ولا تحزنوا على ما خلفتم في دنيّاكم من أهل وولد ونشيء، فإنّا نخلفكم في ذلك كله. السدي : لا تخافوا ما أمامكم، ولا تحزنوا على ما بعدكم. عطاء بن رباح : لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم، فإنّي أغفرها لكم. وقال أهل اللسان في هذه الآية : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا} بالوفاء على ترك الجفاء {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَاكَةُ} بالرضا أن لا تخافوا من العناء ولا تحزنوا على الفناء، وأبشروا بالبقاء مع الّذين كنتم توعدون من اللقاء، لا تخافوا فلا خوف على أهل الإستقامة، ولا تحزنوا فإن لكم أنواع الكرامة، وابشروا بالجنّة الّتي هي دار السلامة. لا تخافوا فعلى دين اللّه استقمتم، ولا تحزنوا فبحبل اللّه اعتصمتم، وأبشروا بالجنّة وإن ارتبتم وأُحزنتم، لا تحزنوا فطالما رهبتم، ولا تحزنوا فقد نلتم ما طلبتم، وأبشروا بالجنّة الّتي فيها رغبتم، لا تخافوا فأنتم أهل الإيمان، ولا تحزنوا فأنتم أهل الغفران، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار الرضوان، لا تخافوا فأنتم أهل الشهادة، ولا تحزنوا فأنتم أهل السعادة، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار الزيادة، لا تخافوا فأنتم أهل النوال، ولا تحزنوا فأنتم أهل الوصال، وأبشروا بالجنّة الّتي هي دار الجلال، لا تخافوا فقد أمنتم الثبور ولا تحزنوا فقد آن لكم الحبور وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار السرور، لا تخافوا فسعيكم مشكور ولا تحزنوا فذنبكم مغفور، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار النون، لا تخافوا فطالما كنتم من الخائفين، ولا تحزنوا فقد كنتم من العارفين، وإبشروا بالجنّة الّتي عجز عنها وصف الواصفين، لا تخافوا فلا خوف على أهل الإيمان، ولا تحزنوا فلستم من أهل الحرمان، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار الإيمان، لا تخافوا فلستم من أهل الجحيم، ولا تحزنوا فقد وصلتم إلى الربّ الرحيم، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار النعيم، لا تخافوا فقد زالت عنكم المخافة، ولا تحزنوا فقد سلمتم من كلّ آفة، وإبشروا بالجنّة الّتي هي دار الضيافة، لا تحزنوا العزل عن الولاية، ولا تحزنوا على ما قدمتم من الخيانة، وابشروا بالجنّة الّتي هي دار الهداية، لا تخافوا حلول العذاب، ولا تحزنوا من هول الحساب وابشروا بالجنّة الّتي دار الثواب. لا تخافوا فأنتم سالمون من العقاب، ولا تحزنوا فأنتم واصلون إلى الثواب، وابشروا بالجنّة فإنها نعم المآب. لا تخافوا فأنتم أهل الوفاء ولا تحزنوا على ما كسبتم من الجفاء وإبشروا بالجنّة فإنها دار الصفاء لا تخافوا فقد سلمتم من العطب، ولا تحزنوا فقد نجوتم من النصب، وإبشروا بالجنّة فإنّها دار الطرب. |
﴿ ٣٠ ﴾