٤٤

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا أعْجَمِيًّا} بغير لغة العرب. {لَّقَالُوا لَوْ فُصِّلَتْ} بيّنت. {ءَايَاتُهُ} بلغتنا حتّى نفقهها،

فإِنّا قومٌ عربٌ،

ما لنا وللأعجمية. {أَأعجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} يعني أكتاب أعجميّ ونبي عربي. قال مقاتل : وذلك إنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) كان يدخل على يسار غلام ابن الحضرمي وكان يهودياً أعجميّاً ويكنى (أبا فكيهة)،

فقال المشركون : إنّما يعلّمه يسار،

فأخذه سيده عامر بن الحضرمي،

وضربه،

وقال : إنّك تعلم محمداً. فقال يسار : هو يعلمني. فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.

وقرأ الحسن : أعجمي بهمزة واحدة على الخبر،

وكذلك رواه هشام عن أهل الشام.

ووجهه ما روى جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير،

قال : قالت قريش : لولا أنزل هذا القرآن أعجميًّا وعربيًّا حتّى تكون بعض آياته أعجميًّا وبعضها عربيًّا،

فأنزل اللّه تعالى هذه الآية،

وأنزل في القرآن بكلّ لسان،

فمنه السجيل،

وهي فارسية عربت سنك وكل،

والقراءة الصحيحة قراءة العامة بالإستفهام على التأويل الأول.

{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِى ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} أخبرنا محمد بن نعيم،

أخبرنا الحسين بن الحسين بن أيوب،

أخبرنا علي بن عبد العزيز،

أخبرنا القاسم بن سلام،

حدثنا حجاج بن أيوب،

عن شعبة،

عن موسى بن أبي عائشة،

عن سلمان بن قتيبة،

عن ابن عباس ومعاوية وعمرو ابن العاص،

إنّهم كانوا يقرأون هذه الحروف بكسر الميم {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} ،

وقرأه الباقين بفتح الميم على المصدر،

وإختاره أبو عبيد،

قال : لقوله : {هُدًى وَشِفَآءٌ} فكذلك {عَمًى} مصدر مثلها،

ولو إنّها هاد وشاف لكان الكسر في عمىً أجود ليكون نعتاً مثلهما.

{أُولَائِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَان بَعِيدٍ} قال بعض أهل المعاني : قوله : {أُولَائِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَان بَعِيدٍ} خبر لقوله : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ} ،

وحديث عن محمد بن جرير،

قال : حدثني شيخ من أهل العلم،

قال : سمعت عيسى بن عمر سأل عمرو بن عبيد {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ} ،

أين خبره؟

فقال عمرو : معناه في التفسير {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لما جاءهم كفروا به وإنّه لكتاب عزيز} فقال عيسى بن عمر : أجدت ياأبا عثمان.

وقوله تعالى : {يُنَادَوْنَ مِن مَّكَان بَعِيدٍ} مثل لقلت إستماعهم وإنتفاعهم بما يوعظون به،

كأنهم ينادون إلى الإيمان وبالقرآن من حيث لا يسمعون لبعد المسافة.

﴿ ٤٤