٨-١٠

وإنّ القرآن تنزيله. {لاَ إلَهَ إِلاَّ هو يُحيى ويُمِيتُ. رَبُّكُم وَرَبُّ آباءِكُمُ الأَوَليِنَ بَل هُم فِي شَكّ يَلعَبُونَ فَارتَقِب} فانتظر. {يَوْمَ تَأْتِى السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} .

اختلفوا في هذا الدّخان،

ما هو،

ومتى هو،

فروى الأعمش ومسلم بن صبيح،

عن مسروق،

قال : كنا عند عبد اللّه بن مسعود جلوساً،

وهو مضطجع بيننا،

فأتاه رجل،

فقال : يا أبا عبد الرّحمن،

إنّ قاصاً عند أبواب كنده،

يقص ويقول في قوله تعالى : {يَوْمَ تَأْتِى السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} إنّه دّخان يأتي يوم القيامة،

فيأخذ بأنفاس الكفّار والمنافقين وأسماعهم وأبصارهم،

ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام،

فقام عبد اللّه وجلس،

وهو غضبان،

فقال : يا أيّها الناس اتقوا اللّه،

مَن عَلِمَ شيئاً فليقل ما يعلم،

ومن لا يعلم،

فليقل اللّه أعلم،

فأن اللّه تعالى،

قال لنبيه (صلى اللّه عليه وسلم) {قُلْ مَآ أَسْ َلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} وسأحدثكم عن ذلك : أنّ قريشاً لما أبطأت عن الإسلام،

واستعصت على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) دعا عليهم،

فقال : (اللّهم سبع سنين كسني يوسف). فأصابهم من الجهد والجوع ما أكلوا الجيف والعظام والميتة والجلود،

وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلاّ الدخان من ظلمة أبصارهم من شدة الجوع،

فأتاه أبو سفيان بن حرب،

فقال : يامحمد إنّك حيث تأمر بالطاعة وصلة الرحم،

وإنّ قومك قد هلكوا فادع اللّه لهم فإنّهم لك مطيعون.

فقال اللّه تعالى : فقالوا :

{رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ} فدعا فكشف عنهم،

فقال اللّه تعالى : {إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَآدُونَ} إلى كفركم. {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} فعادوا فانتقم اللّه منهم يوم بدر،

فهذه خمس قد مضين : الدخان،

واللزام،

والبطشة،

والقمر،

والروّم.

وقال الآخرون : بل هو دخان يجيء قبل قيام السّاعة،

فيدخل في أسماع الكفّار والمنافقين،

حتّى تكون كالرأس الحنيذ،

ويعتري المؤمن منهم كهيئة الزكام،

وتكون الأرض كلّها كبيت أوقد فيه وليس فيه خصاص.

قالوا : ولم يأتِ بعد،

وهو آت وهذا قول ابن عباس وابن عمير والحسن وزيد بن علي،

يدل عليه ما أنبأني عقيل بن محمد،

أخبرنا المعافا بن زكريا،

أخبرنا محمد بن جرير،

حدثنا عصام بن داود الجراح،

حدثنا أبي،

حدثنا سفيان بن سعيد،

حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي ابن حراش،

قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول،

قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إنّ أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق النّاس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا).

قال حذيفة : يا رسول اللّه ما الدخان؟

فتلا رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) هذه الآية :

﴿ ٨