سُورَةُ الأَحقَافِمكّية. وهي خمسة وثلاثون آية وستمائة وأربع وأربعون كلمة. وألفان وخمسمائة وخمسة وتسعون حرفاً أخبرنا أبو جعفر كامل بن أحمد المفيد، أخبرنا أبو عمرو محمّد بن جعفر بن محمّد الحبري، حدّثنا إبراهيم بن شريك الكوفي، حدّثنا أحمد بن عبداللّه بن يونس، حدّثنا سلام بن سليم، حدّثنا هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أُمامة الباهلي، عن أُبيّ بن كعب، قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ سورة الأحقاف أُعطي من الأجر بعدد كلّ نمل في الدّنيا عشر حسنات ومحي عنه عشر سيّئات ويرفع له عشر درجات). بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١-٤{حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللّه الْعَزِيزِ الْحَكِيم مَا خَلَقْنَا السَّماوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَل مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُون قُلْ أَرَأَيْتُمْ} في مصحف عبداللّه (أرأيتكم). {مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّه أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَاوَاتِ ائْتُونِى بِكِتَابٍ} من عند اللّه جاءكم. {مِّن قَبْلِ هَذَآ} القرآن فيه بيان ما تقولون. {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} قرأه العامّة بالألف واختلف العلماء في تأويلها، أخبرنا عبداللّه بن حامد الوزّان، أخبرنا مكي بن عبدان، حدّثنا عبداللّه بن هاشم، حدّثنا يحيى بن سعيد، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن ابن عبّاس وأظنّه عن النبي (صلى اللّه عليه وسلم) {أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ} قال : (الخط)، وقال ميمون بن مهران وأبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة : خاصّة من علم. الحسن : أثارة من علم يستخرجوه فيثير. مجاهد : رواية تأثرونها عمّن كان قبلهم. عكرمة ومقاتل : رواية عن الأنبياء (عليهم السلام). محمّد بن كعب القرضي : الإسناد وأصل الكلمة من الأثر وهي الرواية. يقال : نموت الحديث أثره، أثراً وأثارة، كالشجاعة، والجلادة، والصلابة، فما آثروا، ومنه قيل للخبر : أثر. قال الأعشى : إنّ الّذي فيه تماريتما بيّن للسامع والآثر وقال الكلبي : بقية من علم. قال الأخفش : تقول العرب : لهذه الناقة أثارة من سمن، أي بقيّة. قال الراعي : وذات أثارة أكلت عليها بناتاً في أكمّتها قصارا وقرأ علي بن أبي طالب ح {أَوْ أَثَارَةٍ} بفتح (الألف) وسكون (الثاء) من غير (ألف). وقرأ السلمي {أَوْ أَثَارَةٍ} بفتح (الهمزة) و (الثاء) من غير (ألف)، أي خاصة من علم أوتيتموه وأوثرتم بها على غيركم. وقول عكرمة : أو ميراث من علم. ٥{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَمَنْ أَضَلُّ} أجهل. {مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللّه مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ} يعني الأوثان. {عَن دُعَآهِمْ غَافِلُونَ} لا يسمعون ولا يفهمون. فأخرجها وهي جماد مخرج ذكور بني آدم إذ كانت قد مثّلتها عبدتها بالملوك والأمراء التي تخدم. ٦{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} جاحدين وعنهم متبرّئين. بيانه قوله : {تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} . ٧-٨{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنْ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنْ اللّه شَيْئاً} إن عذّبني على افترائي. {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ} تخوضون. {فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} . ٩{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ} بديعاً مثل نصف ونصيف، من الرسل، لست بأوّل مرسل، فَلِمَ تنكرون نبوّتي؟ هل أنا إلاّ كالأنبياء قبلي؟ وجمع البدع : أبداع، قال عدي بن زيد : فلا أنا بدعٌ من حوادث تعتري رجالاً عرت من بعد بؤسي وأسعدي {وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ} اختلف العلماء في معنى هذه الآية وحكمها، فقال بعضهم : معناها وما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة. فلمّا نزلت هذه الآية فرح المشركون فرحاً شديداً، وقالوا : واللات والعُزّى ما أمرنا وأمر محمّد (صلى اللّه عليه وسلم) عند اللّه إلاّ واحد، وما له علينا من مزية وفضل، ولولا إنّه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به. فأنزل اللّه تعالى {لِّيَغْفِرَ لَكَ اللّه مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} . فبيّن له أمره ونسخت هذه الآية، فقالت الصحابة : هنيئاً لك يا نبيّ اللّه، قد علمنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل اللّه تعالى : {لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} الآية. وأنزل {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللّه فَضْلا كَبِيرًا} فبيّن اللّه تعالى ما يفعل به وبهم. وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة. أخبرني الحسين بن محمّد بن الحسين الدينوري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق السني، حدّثنا إسماعيل بن داود، حدّثنا هارون بن سعيد، حدّثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن أبي شهاب إنّ خارجة بن زيد بن ثابت أخبره أنّ أُمّ العلاء امرأة من الأنصار قد بايعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أخبرته أنّهم اقتسموا والمهاجرين سكناهم قُرعة. قالت : فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه أبياتنا موضعه الّذي توفي فيه، فلمّا توفي غسّل وكفّن في أثوابه، فدخل رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقلت لعثمان بن مظعون : رحمة اللّه عليك أبا السائب، لقد أكرمك اللّه، فقال رسول اللّه : (وما يدريك إنّ اللّه تعالى أكرمه). قالت : فقلت : بأبي أنت وأمي لا أدري. قال : (أما هو فقد جاءه اليقين وما رأينا إلاّ خيراً. فواللّه إنّي لأرجو له الجنّة، فواللّه ما أدري وأنا رسول اللّه ماذا يفعل بي). قالت : فواللّه لا أزكّي بعده أحداً. قالوا : وإنّما قال هذا حين لم يخبر بغفران ذنبه، وإنّما غفر اللّه له ذنبه في غزوة الحديبية قبل موته بسنتين وشيء، وقال ابن عبّاس : لمّا اشتدّ البلاء بأصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) رأى رسول اللّه فيما يرى النائم وهو بمكّة أرضاً ذات سباخ ونخل رُفعت له، يهاجر إليها. فقال له أصحابه وهم بمكّه : إلى متى نكون في هذا البلاء الّذي نحن فيه؟ ومتى نهاجر إلى الأرض التي أُريت. فسكت. فأنزل اللّه تعالى : {وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ} أُترك في مكاني أو أخرج إلى الأرض التي رفعت لي، وقال بعضهم : معناها : ولا أدري ما يفعل بي ولا بكم، إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدُّنيا؟ أنبأني عقيل بن محمّد، أخبرنا المعافى بن زكريا، أخبرنا محمّد بن جرير، أخبرنا ابن حميد، حدّثنا يحيى بن واضح، حدّثنا أبو بكر الهذل، عن الحسن. في قوله تعالى : {وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ} ، فقال : أمّا في الآخرة فمعاذ اللّه قد علم إنّه في الجنّه حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن قال : {مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} في الدُّنيا، أُخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي ولا أدري ما يفعل بكم، أُمّتي المكذِّبة أم المصدّقة، أم أُمّتي المرميّة بالحجارة من السّماء قذفاً أم مخسوف بها خسفاً. ثمّ أنزل اللّه تعالى : {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} . يقول : سيظهر دينكم على الأديان. ثمّ قال في أُمّته : {وَمَا كَانَ اللّه لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّه مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فأخبره اللّه تعالى ما يصنع به وبأُمّته. وهذا قول السدي واليماني، وقال الضحّاك : {وَلا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} أي ما تؤمرون وما تنهون عنه. ١٠{إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللّه وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِه}. قال قتادة والضحاك وابن زيد : هو عبداللّه بن سلام شهد على نبوّة المصطفى (صلى اللّه عليه وسلم) {قُلْ أَرَءَيْتُمْ} اليهود، فلم يؤمنوا. أخبرنا عبد الرّحمن بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى، أخبرنا عبدوس بن الحسين بن منصور، حدّثنا محمّد بن إدريس يعني الحنظلي، وأخبرنا عبداللّه بن حامد، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن محمّد بن عبداللّه البغدادي، حدّثنا إسماعيل بن محمّد بن إسحاق، حدّثنا عمر بن محمّد بن عبداللّه الأنصاري. حدّثني حميد الطويل، عن أنس، قال : جاء عبداللّه بن سلام إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مقدمه المدينة، فقال : إنّي سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلاّ نبي، ما أوّل أشراط السّاعة؟، وما أوّل طعام يأكله أهل الجنّة؟، والولد ينزع إلى أبيه أو إلى أُمِّه؟. قال : (أخبرني جبريل بهنّ آنفاً) قال عبداللّه : ذاك عدوّ اليهود من الملائكة. قال : (أمّا أوّل أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة مرارة كبد حوت، فأمّا الولد، فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولدَ، وإذا سبق ماء المرأة نزعت الولدَ). فقال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّك رسول اللّه. ثمّ قال : يا رسول اللّه إنّ اليهود قوم بهت، وإن علموا بإسلامي قبل أن تسائلهم عنّي بهتوا عليَّ عندك، فجاءت اليهود فقال لهم النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (أي رجل عبد اللّه فيكم؟) قالوا : خيرنا وابن خيرنا، وسيّدنا وابن سيّدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال : (أرأيتم إن أسلم عبداللّه). قالوا : أعاذه اللّه من ذلك، فخرج إليهم عبداللّه. فقال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنَّ محمّداً رسول اللّه. قالوا : شرّنا وابن شرّنا. وانتقصوه، قال : هذا ما كنت أخاف يا رسول اللّه وأحذر. ودليل هذا التأويل أنبأني عقيل بن محمّد أنّ المعافى بن زكريا أخبرهم، عن محمّد بن جرير، أخبرنا يونس، أخبرنا عبداللّه بن يوسف السبكي قال : سمعت مالك بن أنس يحدّث، عن أبي النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال : ما سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يقول لأحد يمشي على الأرض : إنّه من أهل الجنّة، إلاّ لعبد اللّه بن سلام. قال : وفيه نزلت {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بنى إسرائيل عَلَى مِثْلِهِ} . وقال آخرون : هو موسى بن عمران (عليه السلام). وروى الشعبي، عن مسروق في هذه الآية، قال : واللّه ما نزلت في عبداللّه بن سلام لأنّ ل {حم} نزلت بمكّة، وإنّما أسلم عبداللّه بالمدينة، وإنّما كانت محاجّة من رسول اللّه لقومه، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية ومثل القرآن التوراة، فشهد موسى على التوراة، ومحمّد على القرآن، وكلاهما مُصدّق أحدهما الآخر، وقيل : هو ابن يامين. وقيل : هو نبي من بني إسرائيل {قُلْ أَرَءَيْتُمْ} فلم يؤمنوا. {إِنَّ اللّه لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} لدينه وحجّته، وقال أهل المعاني : هذه الآية محذوفة الجواب مجازها {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللّه وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بنى إسرائيل عَلَى مِثْلِهِ} من المحقّ منّا ومنكم، ومن المبطل؟ ١١{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} من اليهود. {لِلَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْ كَانَ} دين محمّد {خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ} يعني عبداللّه بن سلام وأصحابه، قاله أكثر المفسِّرين، وقال قتادة : نزلت هذه الآية في ناس من مشركي قريش، قالوا : لو كان ما يدعونا إليه محمّد خيراً ما سبقنا إليه فلان، وفلان {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ} . وقال الكلبي : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني أسداً وغطفان {لِلَّذِينَ ءَامَنُوا} يعني جهينة ومزينة. {لَّوْ كَانَ} ما جاء به محمّد {خَيْرًا} ما سبقنا إليه رعاء البهم ورذال الناس. قال اللّه تعالى : {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} أي بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان. {فَسَيَقُولُونَ هَذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ} كما قالوا : أساطير الأوّلين. ١٢{وَمِن قَبْلِهِ} أي ومن قبل القرآن. {كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا} يؤتم به. {وَرَحْمَةً} لمن آمن وعمل به، ونصبا على الحال، عن الكسائي، وقال أبو عبيدة : فيه إضمار أي أنزلناه أو جعلناه إماماً ورحمةً. الأخفش على القطع لأنّ قوله : {كِتَابُ مُوسَى} معرفة بالإضافة، والنكرة إذا أعيدت وأضيفت أو أدخلت عليها الألف واللام، صارت معرفة. {وَهذا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا} نصب على الحال، وقيل : أعني لسَاناً. وقيل : بلسان. {لِّيُنذِرَ} (بالتاء) مدني وشامي ويعقوب وأيوب، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم على خطاب النبي (عليه السلام)، وقرأ الباقون (بالياء) على الخبر عنه. وقيل : عن الكتاب. {الَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالكفر والمعصية. {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} وجهان من الإعراب : الرفع على العطف على الكتاب مجازه {وَهذا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ} وبشرى، والنصب على معنى {لتنذر الّذين ظلموا} أو تبشّر. فلمّا جعل مكان وتبشر وبشرى أو وبشارة نصب كما يقال : أتيتك لأزورك وكرامة لك، وقضاء حقّك يعني لاِزورك وأكرمك وأقضي حقّك، فنصبت الكرامة والقضاء بفعل مضمر. ١٣-١٥{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّه ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا الاْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانا} قرأ العامّة : (حسناً) بدون ألف، وقرأ أهل الكوفة : (إحساناً) وهي قراءة ابن عبّاس. {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} بَكُره ومشقّة. {وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ} وفِطامه، وقرأ الحسن ويعقوب : (وفصله) بغير ألف. {ثَلَاثُونَ شَهْرًا} قال المفسِّرون : حَملَهُ ستّة أشهر ورضاعه أربعة وعشرون شهراً. وقال ابن إسحاق : حمله تسعة أشهر وفصاله من اللبن لأحد وعشرين شهراً. {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} نهاية قوّته وقامته وغاية شبابه واستوائه وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى أربعين سنة، فذلك قوله تعالى : {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} قال السدي والضحاك : نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقّاص. وقد مضت القصة، وقال الآخرون : نزلت في أبي بكر الصدّيق ح وأبيه أبي قحافة عثمان بن عمرة، وأُمّه أُمّ الخير بنت صخر بن عمرو بن عامر، فلمّا بلغ أبو بكر أربعين سنة آمن بالنبي (صلى اللّه عليه وسلم) وقال لربّه : إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عبيداللّه بن محمّد بن شنبه، حدّثنا إسحاق بن صدقة، حدّثنا عبداللّه بن هاشم، عن سيف بن عمر، عن عطية، عن أبي أيّوب، عن علي ح في قوله : {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} نزلت في أبي بكر، أسلم أبواه جميعاً ولم يجتمع لأحد من أصحاب رسول اللّه (من) المهاجرين (أسلم) أبواه غيره، أوصاه اللّه بهما ولزم ذلك مَن بعده. {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى} ألهمني وأوسعني. {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} أن تجعلهم مؤمنين صالحين. قالوا : فأجاب اللّه تعالى أبا بكر في أولاده فأسلموا، ولم يكن أحد من الصحابة أسلم هو ووالداه وبنوه وبناته إلاّ أبو بكر ح. ١٦{إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} يعني أعمالهم الصالحة فيثيبهم عليها. {وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّ َاتِهِمْ} فلا يعاقبهم بها. {فِى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} أي مع أصحاب الجنّة، و (في) بمعنى مع {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ} وهو قوله : {وَعَدَ اللّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} ١٧{وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ} إذا دعوه إلى الإيمان باللّه والإقرار بالبعث والجزاء. {أُفٍّ لَّكُمَآ} وهي كلمة كراهية. {أَتَعِدَانِنِى} قراءة العامة (بنونين) حقيقيتين، وروى أهل الشام (بنون) واحدة مشدّدة {أَنْ أَخْرِجْ} من قبري حيّاً بعد فنائي وبلائي. {وَقَدْ خَلَتِ} مضت {الْقُرُونُ مِن قَبْلِى} فلم يبعث منهم أحد. وقرأ الحسن والأعمش وأبو معمر أن أَخُرج بفتح وضم (الراء). {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللّه} يستصرخان اللّه ويستغيثانه عليه ويقولان له : {وَيْلَكَ ءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ اللّه حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَآ } الذي تعدانني وتدعوانني إليه. {إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِين َ} قال ابن عبّاس وأبو العالية والسدي ومجاهد : نزلت هذه الآية في عبداللّه. وقيل : في عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدِّيق. قال له أبواه : أسلم وألحّا عليه في دعائه إلى الإيمان. فقال : أحيوا لي عبداللّه بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ قريش حتّى أسألهم عمّا يقولون. قال محمّد بن زياد : كتب معاوية إلى مروان حتّى يبايع الناس ليزيد، فقال عبد الرّحمن بن أبي بكر : لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان : هذا الذي يقول اللّه تعالى فيه : {وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِى} ... الآية. فسمعت عائشة خ بذلك فغضبت، وقالت : واللّه ما هي به، ولو شئت لسمّيته ولكنّ اللّه لعن أباك وأنت في صلبه فأنت نضض من لعنة اللّه. ١٨{أُولَاكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} وجب عليهم العذاب. قالوا : يعني الّذين أشار عليهم ابن أبي بكر، وقال أحيوهم إليّ، هم الّذين حقّ عليهم القول، وهم الماضون بقوله : {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى} ، فإمّا ابن أبي بكر فقد أجاب اللّه تعالى فيه دعاء أبيه بقوله : {وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى} فأسلم وحسن إسلامه. وقال الحسن وقتادة : هذه الآية مرسلة عامة، وهي نعت عبد كافر فاجر عاق لوالديه. {فِى أُمَمٍ} مع أُمم. ١٩{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالاْنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ وَلِكُل} واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين. {دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا} منازل ومراتب عند اللّه يوم القيامة بإعمالهم فيجازيهم عليها، وقال ابن زيد : في هذه الآية دُرج أهل النار تذهب سفالاً، ودُرج أهل الجنّة تذهب علوّاً. {وَلِيُوَفِّيَهُمْ} أجورهم (بالياء) مكي وبصري وهشام، والباقون (بالنون). ٢٠{أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّار} فيقال لهم : {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} قرأ أبو جعفر وابن كثير ويعقوب (أذهبتم طيباتكم) بالاستفهام، واختلف فيه عن أهل الشام، وغيرهم بالخبر، وهما صحيحتان فصيحتان لأنّ العرب تستفهم بالتوبيخ وتترك الاستفهام فيه. فتقول : أذهبت ففعلت كذا وكذا؟، وذهبت ففعلت وفعلت؟ {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِى الأرض بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} أخبرنا ابن محمّد بن الحسين بن منجويه، حدّثنا عبداللّه بن إبراهيم بن علي بن عبداللّه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الكرابيسي، حدّثنا حميد بن الربيع، حدّثنا أبو معمر، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا محمّد بن حجارة، عن حميد الشامي، عن سليمان، عن ثوبان مولى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : كان رسول اللّه إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله وأوّل من يدخل عليه إذا قدم فاطمة عليها السلام. فلمّا قدم من غزوة فأتاها فأذا لمحَ وقيل : لمح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضّة، فرجع ولم يدخل عليها، فلمّا رأت ذلك فاطمة ظنّت إنّه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصّبيين، فقطعتهما، فبكى الصبيّان، فقسمته بينهما نصفين، فانطلقا إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وهما يبكيان، فأخذه رسول اللّه منهما، وقال : (يا ثوبان إذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج) قال : (فإنّ هؤلاء أهل بيتي ولا أحبّ أن يأكلوا طيّباتهم في الحياة الدُّنيا). أنبأني عقيل بن محمّد، قال : أخبرنا المعافى بن زكريا، أخبرنا محمّد بن جرير، حدّثنا كثير، حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيد، عن قتادة، قال : حدّثنا صاحب لنا، عن أبي هريرة، قال : إنّما كان طعامنا مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) الأسودان : الماء، والتمر، واللّه ما كنا نرى سمراكم هذه ولا ندري ما هي. وبه عن قتادة، عن أبي بردة بن عبداللّه بن قيس الأشعري، عن أبيه، قال : أي بُني لو شهدتنا ونحن مع نبيّنا (صلى اللّه عليه وسلم) إذا أصابتنا السماء حسبت إنّ ريحنا ريح الضأن، إنّما كان لباسنا الصوف. وبه عن قتادة، قال : ذُكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب ح كان يقول : لو شئت كنت أطيبكم طعاماً وألينكم لباساً، ولكنّي أستبقي طيباتي. وذكر لنا أنّه لما قدم الشام صُنع له طعام لم ير قبله مثله. قال : هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ قال خالد ابن الوليد : لهم الجنّة. فاغرورقت عينا عمر، وقال : لئن كان حظّنا في الحطام وذهبوا فيما أرى أنا بالجنّة لقد باينونا بوناً بعيداً. وذُكر لنا أنّ النبي (صلى اللّه عليه وسلم) دخل على أهل الصفة، مكاناً يجتمع فيه فقراء المسلمين وهم يرقعون ثيابهم بالأدم ما يجدون لها رقاعاً. قال : أنتم اليوم خير أم يوم يغدو أحدكم في حلة ويروح في أُخرى، ويغدى عليه بحفئة ويُراح عليه بأُخرى، ويستر بيته كما يستر الكعبة؟ قالوا : نحن يومئذ خير. أخبرنا الحسين بن منجويه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن نصرويه، حدّثنا أبو العبّاس أحمد ابن موسى الجوهري، حدّثنا علي بن سهل الرملي، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثني رزق أبو الهذيل، حدّثني عبيداللّه بن عبداللّه، عن ابن عبّاس، عن عمر بن الخطّاب ح أنّه حدّثه أنّه دخل على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) حين هجر نساءه فوافاه على سرير رميل، يعني مرمُولاً مشدوداً، قد أثّر الحصيرُ في جنبه، متوسِّد وسادة من أدم محشوة ليف. فقال عمر : والتفتٌّ في البيت فواللّه ما رأيت شيئاً يردّ البصر إلاّ أهب يعني جلداً معطوبة قد سطع ريحها، فبكيت، فقلت : يا رسول اللّه أنت رسول اللّه وخيرته، فيما أرى وهذا كسرى وقيصر في الديباج والحرير؟ فاستوى رسول اللّه جالساً، وقال : (أَوَفي شك أنت يابن الخطّاب؟) (أولئك قوم عجلت لهم طيّباتهم في حياتهم الدُّنيا). أخبرنا ابن منجويه الدينوري، حدّثنا عبيداللّه بن محمّد بن عتبة، حدّثنا الفرماني، حدّثنا أبو أمية الواسطي، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا مبارك بن فضالة، حدّثنا حفص بن أبي العاص، قال : كنت أتغدى مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فتغدينا الخبز والزيت والخل، والخبز واللبن، والخبز والقديد، وأقلّ ذلك اللحم العريض، وكان يقول : (لا تنخلوا الدقيق فإنّه كلّه طعام). فيجىء بخبز منقلع غليظ، فجعل يأكل ويقول لنا : كلوا. فجعلنا نعتذر، فقال : ما لكم لا تأكلون؟ فقلت : لا نأكله واللّه يا أمير المؤمنين، نرجع إلى طعام ألين من طعامك. قال : بخ يا بن أبي العاص، ألا ترى أنّي عالم بأن آمر بدقيق أن ينخل بخرقة فيَخبز في كذا، وكذا؟ أما ترى أنّي عالم إنّ آمر إلى عناق سمينة فُيلقى عنها شعرها، ثمّ تخرج صلاء كأنّه كذا وكذا؟ أما ترى أنّي عالم أن أعمل إليَّ صاع أو صاعين من زبيب فاجعله في سقاء ثمّ أرش عليه من الماء فيطبخ كإنّه دم غزال؟ قال : قلت : واللّه يا أمير المؤمنين إني لأراك عالماً بطيب العيش، فقال عمر : أجل، واللّه الذي لا إله إلاّ هو لولا إنّي أخاف أن ينقص من حسناتي يوم القيامة لشاركتكم في العيش، ولكنّي سمعت اللّه يقول لقوم : {أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدُّنيا واستمتعم بها}. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عبداللّه بن يوسف، حدّثنا عبداللّه بن محمّد بن عبد العزيز، حدّثنا محمّد بن بكار الريان، حدّثنا أبو معشر، عن محمّد بن قيس، عن جابر بن عبداللّه. قال : اشتهى أهلي لحماً، فمررت بعمر بن الخطّاب ح، فقال : ما هذا يا جابر؟ فقلت : أشتهى أهلي لحماً، فاشتريت لحماً بدرهم. فقال : أوكلّما اشتهى أحدكم شيئاً جعله في بطنه؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} ؟ أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا محمّد بن الحسين، حدّثنا بشر، حدّثنا ابن أبي الخصيب، أخبرني أحمد بن محمّد بن أبي موسى، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حدّثنا أبي، قال : قال وهب بن الورد : خلق ابن آدم والخبز معه، فما زاد على الخبز ينمو شهوة. قال : فحدّثت به أبا سليمان. فقال : صدق، الملح مع الخبز شهوة. ٢١{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} يعني هود (عليه السلام). {إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِاحْقَافِ} قال ابن عبّاس : الأحقاف واد بين عمان ومهرة. مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له : مهرة إليها تنسب الجمال، فيقال : إبل مهرية ومهاري، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إرم. وقال الضحّاك : الأحقاف جبل بالشام. مجاهد : هي أرض جساق من جسمي. قتادة : ذكر لنا أنّ عاداً كانوا حيّاً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : الشحر. ابن زيد : هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلاً. الكلبي : الأحقاف ما نضب عنه الماء زمان الغرق، كان ينضب الماء من الأرض ويبقى أثره. الخليل : هي الرمال العظام. الكسائي : هي ما استدار من الرمل، وواحدها حقف وحقاف، مثل دبغ ودباغ، ولبس ولباس. وقيل : الحقاف جمع الحقف، والأحقاف جمع الجمع. ونظير حقف أحقاف شبر وأشبار. قال الأعشى : فبات إلى أرطاة حقف تلفّه حريق شمال يترك الوجه أقتما وقال : بنا بطن حرّى ذي حقاف عقنقل. ويقال : حقفٌ أحقف أي رمل متناه في الاستدار. قال العجاج : بات إلى إرطاة حقف أحقفا، والفعل منه أحقف. قال الراجز : سماوة الهلال حتّى احقوقفا. أي انحنى واستدار. {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ} مضت الرسل. {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ} أي قبل هود. {وَمِنْ خَلْفِهِ} وهي في قراءة عبداللّه و{مِن بَعْدِهِ} . ٢٢{أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّه إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم عَظِيم قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} لتصرفنا. {عَنْ ءَالِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ} من العذاب. {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ٢٣{ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ} بوقت مجيء العذاب. {عِندَ اللّه} لا عندي وإنّما أنا مبلِّغ. ٢٤{وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ} يعني العذاب. {عَارِضًا} نُصب على الحال، وإن شئت بالتكرير أي رأوهُ عارضا وهو السحاب، سمّي بذلك لأنّه يعرض أي يبدو في عرض السماء. قال مجاهد : استعرض بهم الوادي. قال الأعشى : يا من يرى عارضاً قد بتٌّ أرمقه كإنّما البرق في حافاته الشعل قال المفسِّرون : ساق اللّه تعالى السحابة السوداء التي اختار قيل بن عتز رأسه وقد عاد بما فيها من النقمة إلى عاد فخرجت عليهم من واد لهم يقال له : المغيث. وكانوا قد حبس عنهم المطر أيّاماً، فلمّا رأوها. (قالوا : هذا عارض ممطرنا حتى عرفت أنها ريح امرأة منهم يقال لها مهدر فصاحت وصعقت، فلمّا أفاقت قيل لها : ما رأيت؟ قالت : ريحاً فيها كشهب النار). {مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} استبشروا بها. {قَالُوا هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} يقول اللّه تعالى : {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} فجعلت تحمل الفسطاط، وتحمل الظعينة، فترفعها حتّى ترى كأنّها جرادة. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عبيد اللّه بن محمّد بن شنبه، حدّثنا عبيداللّه بن أحمد بن منصور الكسائي، حدّثنا الحارث بن عبداللّه، حدّثنا هشيم، عن جويبر، حدّثنا أبو داود الأعمى، عن ابن عبّاس في قول اللّه تعالى : {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآية، قال : لمّا دنا العارض قاموا فمدّوا أيديهم، فأوّل ما عرفوا أنّها عذاب رأوا ما كان خارجاً من ديارهم، من رحالهم، ومواشيهم تطير بهم الريح بين السماء والأرض، مثل الرشا، قالوا : فدخلوا بيوتهم، وأغلقوا أبوابهم، فجاءت الريح فغلّقت أبوابهم وصرعتهم، وأمر اللّه تعالى الريح فأهالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمل سبع ليال، وثمانية أيّاماً حسوماً لهم أنين، ثمّ أمر اللّه الريح فكشفت عنهم الرمال ثمّ أمرها فاحتملتهم، فرمت بهم في البحر. ٢٥فهم الذين يقول اللّه تعالى : {تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْء بِأَمْرِ رَبِّهَا} مرّت به من رجال عاد وأموالها بأذن ربّها. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عمر بن الخطّاب، حدّثنا عبداللّه بن الفضل، حدّثنا أبو هشام، حدّثنا حفص، عن ابن جريح، عن عطاء، عن عائشة خ قالت : كان النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) إذا رأى الريح فزع، وقال : (اللّهم إنّي أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرّها وشر ما فيها، وشرّ ما أرسلت به). فإذا رأى مخيلة قام، وقعد، وجاء، وذهب، وتغيّر لونه، فنقول : يا رسول اللّه، فيقول : (إنّي أخاف أن يكون مثل قوم عاد، حيث قالوا هذا عارض ممطرنا). {فَأْصْبَحُوا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ} قرأ الحسن (لا تُرى) بتاء مضمومة {إِلا مَسَاكِنُهُمْ} برفع (النون). ومثله روى شعيب بن أيّوب، عن يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم. قال أبو حاتم : هذا لا يستقيم في اللغة إلاّ إنْ أُوّل فيه إضمار كما تقول في الكلام : لا تُرى النساء إلاّ زينب، ولا يجوز لا تُرى إلاّ زينب، وقال سيبويه : معناه (لا ترى) أشخاصهم. {إِلا مَسَاكِنُهُمْ} وأجرى الفرّاء هذه الآية على الاستكراه، وذكر أنّ المفضل أنشده : نارنا لم تر ناراً مثلها قد علمتْ ذاك معدّ كرما فأَنّث فعل مثل لأنّه للنّار، قال : وأجود الكلام أن يقول : لم تر مثلها نار. وقرأ الأعمش وعاصم وحمزة ويعقوب وخلف (بياء) مضمومة {مَسَاكِنِهِمْ} رفعاً واختاره أبو عبيدة رفعاً وأبو حاتم. قال الكسائي : معناه لا يُرى شيء إلاّ مساكنهم. وقال الفرّاء : لا يُرى الناس لأنّهم كانوا تحت الرمل، فإنّما يرى مساكنهم لأنّها قائمة. وقرأ الباقون (تَرى) (بتاء) مفتوحة (مساكنهم) نصباً على معنى (لا ترى) يا محمّد (إلاّ مساكنهم). { كذلك نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} . ٢٦{وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَآ إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ} أي فيما لا يمكنكم فيه من بسطة الأجسام، وقوّة الأبدان، وطول العمر، وكثرة المال. {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْء إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللّه وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون } ٢٧{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ} يا أهل مكّة. {مِّنَ الْقُرَى} كحجر ثمود، وأرض سدوم ونحوهما. {وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ} الحجج والبيّنات وأنواع العبر والعظات {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن كفرهم، فلم يرجعوا، فأهلكناهم، ٢٨يخوّف مشركي قريش. {فَلَوْ نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللّه قُرْبَانًا ءَالِهَةَ} يعني الأوثان، قال الكسائي : القربان كلّ ما يُتقرّب به إلى اللّه تعالى من طاعة، ونسكة، والجمع قرابين، كالرهبان والرهابين. {بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَ ذلك إِفْكُهُمْ} أي كذبهم الذي كانوا يقولون : إنّها تقرّبهم إلى اللّه تعالى، وتشفع لهم عنده. وقرأ ابن عبّاس وابن الزبير {ذلك إفكهم} بفتح (الألف) و (الفاء) على الفعل، أي ذلك القول صرفهم عن التوحيد. وقرأ عكرمة {إِفْكِهِمْ} بتشديد (الفاء) على التأكيد والتفسير. قال أبو حاتم : يعني قلبهم عمّا كانوا عليه من النعيم. ودليل قراءة العامّة قوله : {وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} . ٢٩{وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ} الآية. قال المفسِّرون : لمّا مات أبو طالب خرج رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وحده إلى الطائف يلتمس ثقيف النصرة، والمنعة له من قومه، فروى محمّد بن أحمد عن يزيد بن زياد عن محمّد بن كعب القرظي، قال : لمّا انتهى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وحده إلى الطائف، عمد إلى نفر من ثقيف، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم اخوة ثلاثة : عبد ياليل، ومسعود، وحبيب، بنو عمر بن عمير، عندهم امرأة من قريش من بني جمح، فجلس إليهم، فدعاهم إلى اللّه تعالى وكلّمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه. فقال أحدهم، هو يمرط ثياب الكعبة إن كان اللّه تعالى أرسلك، وقال الآخر : أما وجد اللّه أحد يرسله غيرك؟ وقال الثالث : واللّه لا أُكلّمك كلمة أبداً لئن كنت رسولاً من اللّه كما تقول، لأنت أعظم خطراً من أن أردّ عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على اللّه ما ينبغي لي أن أُكلّمك. فقام رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، وقال لهم : (إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموه). وكره رسول اللّه أن يبلغ قومه عنه فيديرهم عليه ذلك، فلم يفعلوا وأغروا به سفهاءهم، وعبيدهم يسبّونه، ويصيحون به، حتّى اجتمع عليه الناس وألجؤوه إلى حائط لعتبة، وشيبة ابني ربيعة، هما فيه، ورجع عنه سفهاء ثقيف. ولقد لقي رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) تلك المرأة من بني جمح، فقال لها : (ماذا لقينا من أحمائك؟). فلمّا اطمئن رسول اللّه، قال : (اللّهم إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي، وهواني على النّاس، أرحم الراحمين أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدوَ ملّكته أمري. إن لم يكن بك عليَّ غضب، فلا أُبالي، ولكن عافيتك هي أوسع، وأعوذ بنور وجهك من أن ينزل بي غضبك، ويحلّ عليَّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى، لا حول، ولا قوّة إلاّ بك). فلمّا رأى أبناء ربيعة ما لقي تحرّكت له رحمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً، يقال له : عداس. فقالا له : خذ قطفاً من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق، ثمّ اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه، ففعل عداس ثمّ أقبل به حتّى وضعه بين يدي رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فلمّا وضع رسول اللّه يده، قال : (بسم اللّه). ثمّ أكل، فنظر عداس إلى وجهه، ثمّ قال : واللّه إنّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة. قال له رسول اللّه : (ومن أي أهل البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟). قال : أنا نصراني وأنا رجل من أهل نينوى. فقال له رسول اللّه : (من قرية الرجل الصالح يونس بن متّى). قال له : وما يدريك ما يونس بن متّى؟ قال له رسول اللّه : (ذاك أخي، كان نبيّاً وأنا نبيّ). فأكبّ عداس على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقبّل رأسه، ويديه، ورجليه. قال : فيقول أبناء ربيعة أحدهما لصاحبه، أما غلامك فقد أفسده عليك. فلمّا جاءهم عداس، قالا له : ويلك يا عداس ما لكَ تقبّل رأس هذا الرجل، ويديه، ورجليه؟ قال : يا سيّدي ما في الأرض خيرٌ من هذا، لقد خبّرني بأمر ما يعلمه إلاّ نبي. فقال : ويحك يا عداس لا يصرفنّك عن دينك، فإنّ دينك خيرٌ من دينه. ثمّ إنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) انصرف من الطائف راجعاً إلى مكّة حتّى يئس من خير ثقيف، حتّى إذا كان بنخلة، قام من جوف الليل يصلّي، فمرّ به نفر من جنّ أهل نصيبين اليمن، وكان سبب ذلك أنّ الجنّ كانت تسترق السمع، فلمّا حرست السماء ورجموا بالشهب. قال إبليس : إنّ هذا الذي حدث في السماء لشيء في الأرض، فبعث سراياه لتعرف الخبر، فكان أوّل بعث بُعث ركب من أهل نصيبين وهم أشراف الجنّ وساداتهم، فبعثهم إلى تهامة، فاندفعوا حتّى بلغوا وادي نخلة، فوجدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه يصلّي صلاة الغداة، ببطن نخلة ويتلو القرآن، فاستمعوا إليه، وقالوا : أنصتوا. هذا معنى قول سعيد بن جبير وجماعة من أئمّة الخبر، ورواية العوفي عن ابن عباس، وقال آخرون : بل أُمر رسول اللّه أن ينذر الجنّ ويدعوهم إلى اللّه تعالى، ويقرأ عليهم القرآن، فصرف اللّه إليه نفراً من الجنّ من نينوى وجمعهم له، فقال رسول اللّه : (إنّي أُمرت أن أقرأ على الجنّ الليلة فأيّكم يتبعني؟) فأطرقوا ثمّ استتبعهم فأطرقوا، ثمّ استتبعهم الثالثة، فاتبعه عبداللّه بن مسعود، قال عبداللّه : ولم يحضر معه أحد غيري، فانطلقنا حتّى إذا كنّا بأعلى مكّة دخل نبيّ اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) شعباً يقال له : شعب الحجون وخط إليَّ خطّاً، ثمّ أمرني أن أجلس فيه. قال : (لا تخرج منه حتّى أعود إليك). ثمّ انطلق حتّى قام وافتتح القرآن فجعلت أرى أمثال النسور تهوي تمشي في رفوفها، وسمعت لغطاً شديداً، حتّى خفت على نبي اللّه، وغشيته أسورة كثيرة حالت بيني وبينه، حتّى ما أسمع صوته، ثمّ طفقوا ينقطعون مثل قطع السحاب داهنين، ففزغ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) مع الفجر، ثمّ انطلق إليَّ، وقال : (أنمت؟) فقلت : لا واللّه لقد هممت مراراً أن أستغيث بالناس حتّى سمعتك تقرعهم بعصاك. تقول : (اجلسوا). قال : (لو خرجت لم آمن أن يتخطّفك بعضهم). ثمّ قال : (هل رأيت شيئاً؟). قلت : نعم رأيت رجالاً سوداً مسفري ثياب بيض. فقال : (أولئك جنّ نصيبين سألوني المتاع) والمتاع الزاد (فمتعتهم بكلّ عظم حائل وبعرة وروثة). فقالوا : يا رسول اللّه يقذرها الناس علينا. فنهى النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) أن يُستنجى بالعظم والروث. قال : فقلت : يا رسول اللّه وما يعني ذلك عنهم؟ قال : (إنّهم لا يجدون عظماً إلاّ وجدوا عليه لحمة يوم أُكل، ولا روثة إلاّ وجدوا فيها حبّها يوم أُكلت). فقلت : يا رسول اللّه، لغطاً شديداً. فقال : (إنّ الجنّ يدارك في قتيل قتل بينهم) وقيل : قتل (فتحاكموا إليَّ، فقضيت بينهم بالحقّ). قال : ثمّ تبرّز رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) ثمّ أتاني فقال : (هل معك ماء؟). قلت : يا رسول اللّه معي أداوة فيها شيء من نبيذ التمر، فاستدعاه فصببت على يديه فتوضّأ. وقال : (تمرة طيبة وماء طهور). قال قتادة : فذكر لنا ابن مسعود لمّا قدم الكوفة رأى شيوخاً شمُطاً من الزط، فأفزعوه حين رآهم. وقال : اظهروا. فقيل له : إنّ هؤلاء قوم من الزط، فقال : ما أشبههم بالنفر الذين صرفوا إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يريد الجنّ. قال : أخبرنيه ابن منجويه، حدّثنا ابن حنش المقري، حدّثنا ابن زنجويه، حدّثنا سلمة، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن قتادة بمثل معناه إلاَّ إنّه لم يذكر قصة نبيذ التمر. أخبرنا الحسين بن محمّد الحديثي، حدّثنا محمّد بن الحسن الصوفي، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن صالح بن ذريح، حدّثنا مسروق بن المرزبان، حدّثنا ابن أبي زائدة، حدّثنا داود بن أبي هند، عن علقمة، قال : سألت عبداللّه بن مسعود، هل كان مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أحد من الجنّ؟. فقال : لا لم يصحبه منّا أحدٌ. ولكنّا فقدناهُ ذات ليلة، فقلنا استطير أو اغتيل، فتفرّقنا في الشعاب والأودية نلتمسه، فلمّا أصبحنا رأيناه مقبلاً من نحو حراء. فقلنا : يا رسول اللّه، بتنا بشرِّ ليلة بات بها قوم، نقول : استطير أو اغتيل. فقال : (إنّه أتاني داع من الجنّ، فذهبت أُقرئهم القرآن). قال : وأراني آثارهم وآثار نيرانهم. قال : (فسألوه ليلتيئذ الزاد). فقال : (فكلّ عظم لم يذكر اسم اللّه عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً، والبعر لدوابكم). فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (لا تستنجوا بالعظام ولا بالبعر فإنّه زاد إخوانكم من الجنّ) (). أخبرنا أبو عبداللّه بن منجويه، حدّثنا أبو بكر بن خرجه، حدّثنا محمّد بن أيّوب، أخبرنا سلمان بن داود الشاذكوي، عن خالد بن عبداللّه الواسطي، عن خالد الحذّاء، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبداللّه، قال : لم أكن مع النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) ليلة الجنّ وودت أنّي كنت معه. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا موسى بن محمّد بن علي، حدّثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال : سألت أبا عبيدة بن عبداللّه، أكان عبداللّه مع النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) ليلة الجنّ؟ قال : لا. قال : وسألت إبراهيم. فقال : ليت صاحبنا كان ذاك. قوله تعالى : {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ} اختلفوا في مبلغ عددهم، فقال ابن عبّاس : كانوا سبعة نفر من جنّ نصيبين فجعلهم رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) رُسلاً إلى قومهم. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا طلحة بن محمّد بن جعفر، وعبيداللّه بن أحمد بن يعقوب، قالا : أخبرنا أبو بكر بن مجاهد، حدّثني أحمد بن حرب، حدّثنا سنيد، حدّثنا حجاج، قال : قال ابن جريح : أخبرني وهب بن سلمان، عن شعيب الحماني. إنّ أسماء الجنّ الّذين صرفهم اللّه تعالى إلى رسوله شاصر، وماصر، ومنشي، وماشي، والأحقب وقال آخرون : كانوا تسعة. أخبرني أبو علي السراج، أخبرنا أبو بكر القطان، حدّثنا أحمد بن يوسف السّلمي، حدّثنا محمّد بن يوسف الفريابي، قال : ذكر سفيان، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال : كان زوبعة من التسعة الّذين استمعوا القرآن من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم. {فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا} قالوا : صه. وبإسناده عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن ثابت بن قطبة الثقفي، قال : جاء أُناسٌ إلى عبداللّه بن مسعود، قالوا : كنّا في سفر فرأينا حيّة متشحّطة في دمها مقتولة، فأخذها رجل منّا، فواريناها، فلمّا ولّوا جاءهم ناس، فقالوا : إنّكم دفنتم عمراً، فقالوا ومَنْ عمر؟ قالوا : الحيّة التي دفنتم في مكان كذا وكذا. أمّا إنّه كان من النفر الّذين استمعوا القرآن من النبي (عليه السلام) وكان بين حيّتين من الجنّ من المسلمين وغيرهم، فزال، فقتل. أخبرنا ابن منجويه، حدّثنا عمر بن الخطّاب، حدّثنا عبداللّه بن الفضل، حدّثنا سهل بن حمزة، حدّثنا عبداللّه بن صالح، حدّثني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي ثعلبة الحشي إنّ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (الجنّ على ثلاثة أصناف : صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواءو وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلّون ويظعنون). فلمّا حضروه، قالوا : قال : بعضهم لبعض أنصتوا، فأنصتوا واستمعوا القرآن، حتّى كاد يقع بعضهم على بعض من شدّة حرصهم، نظيرما في سورة الجنّ. {فَلَمَّا قُضِىَ} فرغ من تلاوة القرآن واستماع الجان. وقرأ لاحق بن حميد (قَضَى) بفتح (القاف) و (الضاد)، يعني النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) . {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} مخوّفين داعين بأمر النبي (صلى اللّه عليه وسلم) ٣٠-٣١{قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللّه} يعني محمّد (صلى اللّه عليه وسلم) {وَءَامِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} قال ابن عبّاس : فاستجاب لهم من فوقهم نحو من سبعين رجلاً من الجنّ فرجعوا إلى رسول اللّه فوافقوه بالبطحاء. فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم. واختلف العلماء في حكم مؤمني الجنّ، فقال قوم : ليس لمؤمني الجنّ ثواب إلاّ نجاتهم من النار، وتأوّلوا قوله تعالى : {يغفر لكم ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم} وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة. أخبرنا الحسين بن محمّد بن منجويه، حدّثنا عبداللّه بن يوسف، حدّثنا الحسن بن نجيويه، حدّثنا عمرو بن ثور، وإبراهيم بن أبي سفيان، قالا : حدّثنا محمّد بن يوسف الفرباني، حدّثنا سفيان، عن ليث، قال : الجنّ ثوابهم أن يجاروا من النار، ثمّ يقال لهم : كونوا تراباً مثل البهائم. وقال آخرون : إن كان عليهم العقاب في الإساءة وجب أن يكون لهم الثواب في الإحسان مثل الإنس. وإليه ذهب مالك وابن أبي ليلى. أخبرنا أبو عبداللّه الثقفي الدينوري، حدّثنا أبو علي بن حبش المقري، حدّثنا محمّد بن عمران، حدّثنا ابن المقري وأبو عبيد اللّه. قالا : حدّثنا العبدي، عن سفيان، عن جويبر، عن الضحّاك، قال : الجنّ يدخلون الجنّة ويأكلون ويشربون. ٣٢{وَمَن لا يُجِبْ دَاعِىَ اللّه فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الأرض وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُولَاكَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ} . ٣٣{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللّه الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاْرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِن} لم يضعف عن إبداعهن، ولم يعجز عن اختراعهن. {بِقَادِرٍ} قراءة العامة (بالباء) و (الألف) على الأسم واختلفوا في وجه دخول (الباء) فيه، فقال أبو عبيدة والأخفش : هي صلة، كقوله : {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} وقال الحارث بن حلزة : قيل ما اليوم بيّضت بعيون النّاس فيها تغيّظ وإباء أراد بيضت عيون النّاس. وقال الكسائي والفراء : (الباء) فيه جلبت الاستفهام والجحد في أوّل الكلام، كقوله : {أَوَلَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بِقَادِرٍ} . والعرب تدخلها في الجحود، إذا كانت رافعة لما قبلها، كقول الشاعر : فما رجعتْ بخائبة ركاب حكيم بن المسيّب منتهاها وقرأ الأعرج وعاصم الجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب بن إسحاق {يُقَدِّرُ} (بالياء) من غير (ألف) على الفعل، واختار أبو عبيد قراءة العامّة لأنّها في قراءة عبداللّه {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض قَادِرٌ} بغير (باء). ٣٤{عَلَى أَنْ يُحْيِىَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّار} فيقال لهم : {أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ} لهم المقرّر بذلك ٣٥{فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون فاصْبِرُ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ} . قال ابن عبّاس : ذوو الحزم. ضحّاك : ذوو الجدّ والصّبر. القرظي : ذوو الرأي والصواب. واختلفوا فيهم، فقال ابن زيد : كلّ الرسل كانوا أُولي عزم، ولم يتّخذ اللّه رسولاً، إلاّ كان ذا عزم، وهو اختيار علي بن مهدي الطبري، قال : وإنّما دخلت {مِنْ} للتجنيس لا للتبعيض، كما يقال : اشتريت أكسية من الخزّ، وأردية من البز. حكاها شيخنا أبو القاسم بن حبيب عنه. وقال بعضهم : كلّ الأنبياء (عليهم السلام) أُولوا عزم، إلاّ يونس، ألا ترى إنّ نبيّنا (صلى اللّه عليه وسلم) نهى عن أن يكون مثله، لخفّة وعجلة ظهرت منه حين ولّى من قومه مغاضباً، فابتلاه اللّه بثلاث : سلّط عليه العمالقة حتى أغاروا على أهله وماله، وسلّط الذئب على ولْدِهِ فأكلهم، وسلّط الحوت عليه حتّى ابتلعه. سمعت أبا منصور الجمشاذي يحكيها، عن أبي بكر الرازي، عن أبي القاسم الحكيم. وقيل : هم نجباء الرّسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر، وهو اختيار الحسين بن الفضل، قال : لقوله في عقبه : {أُولَاكَ الَّذِينَ هَدَى اللّه فَبِهُدَ اهُمُ اقْتَدِهْ} . وقال الكلبي : هم الّذين أُمروا بالقتال، فأظهروا المكاشفة، وجاهدوا الكفرة بالبراءة، وجاهدوهم. أخبرنا ابن منجويه الدينوري، عن أبي علي حبش المقري، قال : قال بعض أهل العلم : أولو العزم اثنا عشر نبيّاً أُرسلوا إلى بني إسرائيل بالشام فعصوهم، فأوحى اللّه تعالى إلى الأنبياء (عليهم السلام) : (إنّي مرسل عذابي على عصاة بني إسرائيل)، فشقَّ ذلك عليهم، فأوحى اللّه تعالى إليهم أن اختاروا لأنفسكم، إن شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بني إسرائيل، وإن شئتم أنجيتكم وأنزلت ببني إسرائيل. فتشاوروا بينهم، فاجتمع رأيهم على أن ينزل بهم العذاب وينجي بني إسرائيل، فأنجى اللّه بني إسرائيل وأنزل بأولئك العذاب، وذلك إنّه سلّط عليهم ملوك الأرض، فمنهم من نشر بالمناشير، ومنهم من سُلخ جلد رأسه ووجهه، ومنهم من رُفع على الخشب، ومنهم من أُحرق بالنّار، وقيل هم ستّة : نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وموسى. وهم المذكورون على النسق في سورة الأعراب والشعراء. وقيل أصحاب الشرائع، وهم خمسة : نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّد (صلى اللّه عليه وسلم) وقال مقاتل : أولو العزم ستّة : نوح صبر على أذى قومه فكانوا يضربونه حتّى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النّار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف صبر في البئر وفي السجن، وأيّوب صبر على ضرّه. وقال الحسن البصري : هم أربعة : إبراهيم، وموسى، وداود، وعيسى. فقال : إبراهيم فعزمه قيل له : أسلم، قال : أسلمت لربّ العالمين. ثمّ ابتلي في ماله، وولده، ووطنه، ونفسه، فَوجِدَ صادقاً وافياً في جميع ما أُبتلي به، وأمّا موسى، فعزمه قوله حين قال له قومه : {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} قال : {كَلا إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ} . وأمّا داود، فعزمه أنّه أخطأ خطيئة، فنُبّه عليها، فبلي أربعين سنة على خطيئته حتّى نبتت من دموعه شجرة، وقعد تحت ظلّها، وأمّا عيسى فعزمه أنّه لم يضع في الدُّنيا لبنة على لبنة، وقال : إنّها معبر فاعبروها، ولا تعمروها. فكان اللّه تعالى يقول لرسوله (صلى اللّه عليه وسلم) {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} أي كن صادقاً فيما ابتليت به مثل صدق إبراهيم، واثقاً بنصرة مولاك مثل ثقة موسى، مهتمّاً لما سلف من هفواتك مثل اهتمام داود، زاهداً في الدنيا مثل زهد عيسى (عليه السلام). حدّثنا الإمام أبو منصور محمّد بن عبداللّه الجمشاذي لفظاً، أخبرنا أبو عمرو محمد بن محمّد بن أحمد القاضي، أخبرنا أبو عبد الرحمن، أخبرنا ابن أبي الربيع، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله تعالى : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، قال : نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى (عليهم السلام). أخبرنا أبو منصور الجمشاذي، أخبرنا أبو عبداللّه محمّد بن يوسف الدقّاق، أخبرنا الحسن ابن محمّد بن جابر، حدّثنا عبداللّه بن هاشم، حدّثنا وكيع، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع ابن أنس، عن أبي العالية في قوله : {فاصبر كما صبر أُولُو العزم من الرُّسل} ، قال : كانوا ثلاثة : نوح، وإبراهيم، وهود، ومحمّد رابعهم، أُمر أن يصبر كما صبروا. أخبرني أبو عبداللّه بن منجويه، حدّثنا محمّد بن عبداللّه بن برزة، حدّثنا الحارث بن أبي أُسامة، حدّثنا داود بن المخبر، حدّثنا سليمان بن الحكم، عن الأحوص بن حكيم بن كعب الحبر، قال : في جنّة عدن مدينة من لؤلؤ بيضاء، تكلّ عنها الأبصار، لم يرها نبي مرسل ولا ملك مُقرَّب، أعدّها اللّه سبحانه وتعالى لأُولي العزم من الرُّسل والشهداء والمجاهدين، لأنّهم فضّلوا الناس عقلاً وحلماً وإنابة ولبّاً. {وَلا تَسْتَعْجِل} العذاب. {لَهُمْ} فإنّه نازل بهم لا محالة. {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ} من العذاب في الآخرة {لَّمْ يَلْبَثُوا} في الدُّنيا {إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَار} يعني في جنب يوم القيامة، وقيل : لأنّه ينسيهم هول ما عاينوا قدر مكثهم في الدُّنيا. ثمّ قال : {بَلَاغٌ} أي هذا القرآن وما ذكر فيه من البيان بلاغ بلغكم محمّد (صلى اللّه عليه وسلم) عن اللّه تعالى، دليله ونظيره في سورة إبراهيم. (عليه السلام) {فَهَلْ يُهْلَكُ} بالعذاب إذا نزل {إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} الخارجون عن أمر اللّه تعالى. أخبرنا الحسين بن محمّد الحديثي، حدّثنا سعد بن محمّد بن إسحاق الصيرفي، حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شنبه، حدّثنا منجاب بن الحارث، حدّثنا علي بن مهير، حدّثنا ابن أبي ليلى، عن الحكيم عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال : إذا عسر على المرأة ولدها، فلتكتب هاتين الآيتين والكلمتين في صحيفة، ثمّ تُغسّل، ثمّ تسقى منها : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم سبحان اللّه {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} . {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَار بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} . |
﴿ ٠ ﴾