سورة المجادلةمدنيّة، وهي ألف وسبعمائة واثنان وتسعون حرفاً، وأربعمائة وثلاث وسبعون كلمة، واثنتان وعشرون آية أخبرنا أبو الحسين عليّ بن محمّد بن الحسن المقرئ، عن مرّة قال : حدّثنا أبو بكر أحمد ابن إبراهيم الجرجاني وأبو الشيخ عبد اللّه بن محمّد الأصبهاني قالا : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن شريك الكوفي قال : حدّثنا أحمد بن يونس اليربوعي قال : حدّثنا سلام بن سليم المدائني قال : حدّثنا هارون بن كثير، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أُبي أمامة، عن أبىّ بن كعب قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ سورة المجادلة كُتب من حزب اللّه يوم القيامة). بسم اللّه الرحمن الرحيم ١{قَدْ سَمِعَ اللّه قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ} : تخاصمك وتحاورك وتراجعك {فِى زَوْجِهَا} وهي امرأة من الأنصار ثمّ من الخزرج، واختلفوا في اسمها ونسبها، فقال ابن عباس : هي خولة بنت خولد. وقال أبو العالية : خويلة بنت الدليم. وقال قتادة : خويلة بنت ثعلبة. وقال المقاتلان : خولة بنت ثعلبة ابن مالك بن خزامة الخزرجية من بني عمرو بن عوف. عطية عن ابن عباس : خولة بنت الصامت. وروى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة خ أنّ اسمها جميلة، وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت وذلك أنّها كانت حسنة الجسم فرآها زوجها ساجدة في صلاتها فنظر إلى عجزها، فلمّا انصرفت أرادها فأبت عليه فغضب عليها، وكان امرئاً فيه سرعة ولمم. فقال لها : أنتِ عليَّ كظهر أُمّي. ثم ندم على ما قال، وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية. فقال لها : ما أظنك إلاّ قد حرمتِ عليَّ. قالت : لا تقل ذلك، ائتِ رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فسله. فقال : إني أجدني استحي منه أن أسأله عن هذا. قالت : فدعني أسأله. قال : سليه. فأتت النبي (صلى اللّه عليه وسلم) وعائشة تغسل شقّ رأسه، فقالت : يا رسول اللّه، إنّ زوجي أوس بن الصامت تزوّجني، وكنت شابّة جميلة ذات مال وأهل، حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرّق وكبرت سنّي ظاهر منّي وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإيّاه ينعشني؟ فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (حرمت عليه). فقالت : يا رسول اللّه، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً، وإنّه أبو ولدي وأحبّ الناس إليّ. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (حرمت عليه). فقالت : أشكو إلى اللّه فاقتي ووحدتي، قد طالت صحبتي ونقصت له بطني. فقال رسول اللّه (عليه السلام) : (ما أراك إلاّ وقد حرمتِ عليه ولم أومر في شأنك بشيء). فجعلت تراجع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فإذا قال لها رسول اللّه (عليه السلام) : (حرمت عليه) هتفت وقالت : أشكو إلى اللّه فاقتي وشدّة حالي، اللّهمّ، فأنزلْ على لسان نبيّك. وكان هذا أول ظهار في الإسلام. فقامت عائشة تغسل شقّ رأسه الآخر فقالت : انظر في أمري، جعلني اللّه فداك يا نبيّ اللّه. فقالت عائشة : اقصري حديثك ومحادثتك، أما ترين وجه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) إذا أُنزل عليه أخذه مثل السبات؟ فلمّا قضى الوحي قال : (ادعي زوجك). فجاء، فقرأ ما نزل عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) {قَدْ سَمِعَ اللّه قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللّه وَاللّه يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَآ إِنَّ اللّه سَمِيعُ بَصِيرٌ} ثم بيّن حكم الظهار، وجعل فيه الكفّارة، فقال سبحانه : {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ} إلى آخرها، قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلّها، إنّ المرأة لتحاور رسول اللّه وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ويخفى عليَّ بعضه، إذ أنزل سبحانه : {قَدْ سَمِعَ اللّه} الآيات. فلمّا نزلت هذه الآيات وتلاها عليه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قال له : (هل تستطيع أن تعتق رقبة؟). قال : إذن يذهب مالي كلّه. الرقبة غالية وأنا قليل المال. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟). قال : واللّه يا رسول اللّه، إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات كلّ بصري وخشيت أن تعشو عيني. قال : (فهل تستطيع أن تطعم ستّين مسكيناً؟). قال : لا واللّه، إلاّ أن تعينني على ذلك يا رسول اللّه. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إنّي معينك بخمسة عشر صاعاً، وأنا داع لك بالبركة). فأعانه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بخمسة عشر صاعاً واجتمع لهما أمرهما. فذلك قوله : |
﴿ ١ ﴾