٨{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} الآية قال ابن عباس : نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنّهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا : ما نراهم إلاّ وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم. فلمّا طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فأمرهم ألاّ يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك، وعادوا إلى مناجاتهم، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية. وقال مقاتلان : أنزلت في اليهود، وكانت بينهم وبين النبي (صلى اللّه عليه وسلم) موادعة، فإذا مرّ بهم رجل من أصحاب النبيّ (صلى اللّه عليه وسلم) (عليه السلام) جلسوا يتناجون فيما بينهم حتى ينظر المؤمن أنّهم يتناجون بقتله أو بما يكره، فينزل الطريق عليهم من المخافة، فبلغ ذلك النبي (عليه السلام) فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية. وقال ابن زيد : كان الرجل يأتي رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) يسأله الحاجة ليُريَ الناس أنّه قد ناجى فيقول لهم : إنّما يتناجون في حرب حضرت، أو جمع قد جمع لكم، أو أمر مهمّ قد وقع، فأنزل اللّه سبحانه : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى} أي المناجاة. {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها {وَيَتَنَاجَوْنَ} ، قرأ يحيى والأعمش وحمزة (ينتجون) على وزن (يفتعلون)، وقرأ الباقون على وزن (يتفاعلون)، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله : {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ} و ولم يقل (أنتجيتم) و ( انتجوا). {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ} وقرأ الضحّاك : (ومعصيات الرسول) فيهما بالجمع {وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيّك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير} وذلك أنّ اليهود كانوا يدخلون على ر سول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فيقولون : السام عليك. فيرد عليهم رسول اللّه : (وعليكم). ولا يدري ما يقولون، والسام الموت، فإذا خرجوا قالوا : لو كان نبيّاً لعُذّبنا واستجيب فينا وعرف قولنا. فدخلوا عليه ذات يوم وقالوا : السام عليك. ففطنت عائشة خ إلى قولهم وقالت : وعليكم السام والذام والداء واللعنة. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (مَه يا عائشة، إنّ اللّه عزّ وجلّ يحبّ الرفق في الأمر كلّه ولا يحبّ الفحش والتفحّش). فقالت : يا رسول اللّه، ألم تسمع ما قالوا؟، فقال رسول اللّه (عليه السلام) : (ألم تسمعي ما رددت عليهم؟). فأنزل اللّه هذه الآية، فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم). ثم نهى المؤمنين أن يتناجوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود فقال : |
﴿ ٨ ﴾