سورة الطلاق

مدنية،

وهي ألف وستون حرفاً،

ومائتانوسبعة وأربعون كلمة،

واثنتا عشرة آية

أخبرنا إبن المقري قال : أخبرنا إبن مطر قال : حدّثنا إبن شريك قال : حدّثنا إبن يونس قال : حدّثنا سلام قال : حدّثنا شاهرون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أُمامة عن أُبي ابن كعب قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ سورة {يا أيّها النّبي إذا طلقتم النساء} مات على سُنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم).

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

هذه السورة تسمى سورة النساء القصرى افتتحها اللّه سبحانه وتعالى بخطاب منه (للنبي) (صلى اللّه عليه وسلم) فقال {يا أيها النبي إذا طلقتم} .

{يا أيّها النّبي} ثم جمع الخطاب فقال عزّ من قاتل {إِذَا طَلَّقْتُمُ} ومجازها : يا أيها النبي قل لأُمتّك إذا طلقتم {النِّسَآءَ} أي أردتم تطليقهن كقوله {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ} .

{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وهو أن يطلقها طاهراً من غير جماع،

يقول : طلّقوهن لطهرهنّ الذي يحصينّه من عدّتهن،

ولا تطلقوهن لحيضهنّ الذي لا يعتددن به من قروئهنّ،

وهذا للمدخول بها؛ لأنّ من لم يُدخل بها لا عدّة عليها.

فإذا طلّقها في طُهر لم يجامعها فيه نفذ طلاقه وأصاب السُنّة،

وإن طلّقها حائضاً وقع الطلاق وأخطأ السُنّة.

وقال سعيد بن المسيّب في آخرين : لا يقع لأنّه خلاف ما أُمروا،

وإليه ذهب الشيعة،

فإن طلقها في طهرها ثلاثاً فكرّهه قوم وقالوا ليس بطلاق السنّة؛ لأنّه لم يدع للإمساك موضعاً،

وكان الشافعي والجمهور يبيحونه ولا يكرّهونه لأنّ عبد الرحمن بن عوف طلّق امرأته ثلاثاً،

وإنّ العجلاني لمّا لاعن قال : كذبت عليها إن أمسكتها،

هي طالق ثلاثاً،

فلم يردّ عليه النبي (صلى اللّه عليه وسلم)

واختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية،

قال : فأخبرنا إبن منجويه،

حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن شعبة،

حدّثنا أَبُو القاسم عمر بن عقبة بن الزبير الأنصاري،

حدّثنا أَبُو عبد اللّه محمّد ابن أيوّب بن معيد بن هناد الكوفي،

حدّثنا اسباط بن محمّد،

حدّثنا سعيد بن عروة عن قتادة عن أنس قال : طلّق رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) حفصة فأتت أهلها فأنزل اللّه تعالى : {يا أيّها النّبي إذا طلقتم النساء فطلّقوهن لعدّتهنّ} وقيل له : راجعها فإنّها صوّامة قوّامة،

وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنّة.

وقال السدي : نزلت في عبد اللّه بن عمر،

وذلك أنّه طلّق امرأته حائضاً وأمره النّبي (صلى اللّه عليه وسلم) أن يراجعها ويمسكها حتّى تطهر،

ثم تحيض حيضة أُخرى فإذا طهرت طلّقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها،

فإنّها العدّة التي أمر اللّه بها.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد،

حدّثنا محمد بن يعقوب،

حدّثنا الحسن بن علي بن عفّان،

حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن إبن عمر قال : طلّقتُ امرأتي على عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وهي حائض،

فذكر ذلك عمر لرسول اللّه،

فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (مُرْهُ فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أُخرى،

فإذا طهرت فليطلقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها،

فإنّها العدّة التي أمر اللّه تعالى أن يطلَّق لها النساء).

قال فقلت لنافع ما صنعت التطليقة قال : واحدة اعتدّت بها.

وقال المقاتلان : نزلت في عبد اللّه بن عَمُرو بن العاص وعَمُرو بن سعيد بن العاص وطفيل بن الحرث وعتبه بن غزوان.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد،

حدّثنا أحمد بن عبد اللّه المزني،

حدّثنا الحضرمي،

حدّثنا عثمان،

حدّثنا عبد السلم بن حرب عن يزيد الدالاني عن أبي العلاء الأودي عن حميد بن عبد الرحمن قال : بلغ أبا موسى أنّ النّبي (صلى اللّه عليه وسلم) وجد عليهم فأتاه فذكر ذلك له فقال له رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (يقول أحدُكم : قد زوجت،

قد طلّقت،

وليس كذلك عدّة المسلمين،

طلّقوا المرأة في قبل عدّتها).

وكان إبن عبّاس وإبن عمر يقرءان : فطلّقوهنَّ قبل عدّتهن،

وفي هذه الآية دليل واضح أنّ السنّة والبدعة اعتبارهما في وقت الطّلاق لا في عدد الطلاق؛ لأنّ اللّه تعالى ذكر وقت الطّلاق فقال : {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ولم يذكر عدد الطّلاق،

فكذلك في حديث إبن عمر الذّي رويناه دليل أنّ الاعتبار بالوقت لا بالعدد لأنّ النبي (صلى اللّه عليه وسلم) علّمه الوقت لا العدد.

فصل في ذكر بعض الأخبار الواردة في الطلاق

أخبرنا الحسن بن فنجويه بقراءتي عليه،

حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن شنبه،

حدّثنا أَبُو حامد أحمد بن جعفر المستملي،

حدّثنا أَبُو محمد يحيى بن إسحاق بن سافرى ببغداد،

حدّثنا أحمد بن حباب،

حدّثنا عيسى بن يونس،

حدّثنا عبيد اللّه بن الوليد الوصافي عن محارب بن دَثار عن إبن عمر قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (إنّ من أبغض الحلال إلى اللّه تعالى الطّلاق).

أخبرنا إبن فنجويه،

حدّثنا إبن حبيش المقري،

حدّثنا علي بن عبد الحميد العصاري بحلب،

حدّثنا أَبُو إبراهيم الترجماني،

حدّثنا عَمرو بن جُميع عن جويبر عن الضّحاك عن النزال بن سمرة عن علي ح عن النّبي (صلى اللّه عليه وسلم) قال : (تزوّجوا ولا تطّلّقوا،

فإنّ الطّلاق يهتزّ منه العرش).

أخبرنا إبن فنجويه،

حدّثنا عبيد اللّه بن محمد بن شنبه،

حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة أخبرنا أُبي،

حدّثنا أَبُو أُمامة عن حمّاد بن زيد عن أبي أيوّب عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان رفعه إلى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) (أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنّة).

أخبرنا الحصين بن محمد بن الحسين أخبرنا موسى بن محمد بن علي،

حدّثنا عبد اللّه بن ناجية،

حدّثنا وهب بن منبه،

حدّثنا محمد بن عبد الملك الواسطي،

حدّثنا عَمُرو بن قيس الملائي عن عبد اللّه بن عيسى عن عمارة بن راشد عن عبادة بن نسي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (لا تطّلّقوا النساء إلاّ من ريبة فإنّ اللّه تعالى لا يحبّ الذوّاقين ولا الذوّاقات).

أخبرنا إبن فنجويه أخبرنا أَبُو حذيفة أحمد بن محمد بن علي،

حدّثنا عبد الصمد بن سعيد قاضي حمص ،

حدّثنا عبد السلم بن العباس بن الوليد الحضرمي،

أخبرنا علي بن خالد بن خليّ،

حدّثنا أبي،

حدّثنا سويد بن حميد عن أنس قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (ما حلف بالطّلاق ولا استحلف به إلاّ منافق).

{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} أي عدد أقرائها فاحفظوها.

{وَاتَّقُوا اللّه رَبَّكُمْ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ} حتى تنقضي عدتّهنّ.

{وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} وهي الزنا فيخرجن لإقامة الحد عليهنّ،

هذا قول أكثر أهل المفسرين.

وقال قتادة : معناه : له أن يطلّقها على نشوزها،

فلها أن تتحول من بيت زوجها،

والفاحشة : النشوز.

وقال إبن عمر والسدي : أي خروجها قبل انقضاء عدّتها فاحشة.

أنبأني عبد اللّه بن حامد أخبرنا محمد بن الحسن،

حدّثنا الفضل بن المسيّب،

حدّثنا سعيد،

حدّثنا سُفير عن محمد بن عَمُرو بن علقمة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن ابن عباس في قوله : {إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} قال : إلاّ أن تبدو على أهلها،

فإذا بدت عليهم فقد حلَّ إخراجها.

{وتلك حدود اللّه ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه لا يدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمراً} أي مراجعة في الواحدة والثنتين ما دامت في العدّة.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد قرأه عليه،

حدّثنا محمد بن جعفر المطيري،

حدّثنا الحسن بن عرفة،

حدّثنا هيثم عن مغيرة وحصين عبد الرحمن وأشعث وإسماعيل بن أبي خالد وداود بن أبي هند وشبان ومجالد كلّهم عن الشعبي قال : دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها عن قضاء رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) فقالت : طلّقني زوجي البتّة،

فخاصمته إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) في السكنى والنفقه فلم يجعل لي سكنى ولا نفقه،

وأمرني أن أعتدّ في بيت إبن أُمّ مكتوم.

قال هيثم : قال مجالد في حديثه : إنّما النفقة والسكنى على من كانت له المراجعة.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد،

أخبرنا محمد بن الحسين،

حدّثنا أحمد بن يوسف،

حدّثنا عبد الرزّاق،

أخبرنا معمّر قال : أخبرنا عقيل بن محمد الفقيه أنّ أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جهير،

حدّثنا إبن عبد الأعلى،

حدّثنا إبن ثور عن معمّر عن الزهري عن عبيد اللّه أنّ فاطمة بنت قيس كانت تحت أبي عَمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي وأنّه خرج مع علي ابن أبي طالب ح إلى اليمن حين أمّره رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) على بعض اليمن فأُرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها،

وأمر عباس بن أبي ربيعة والحرث بن هشام أن ينفقا عليها،

فقالا لها : واللّه مالك من نفقة إلاّ أن تكوني حاملا.

فأتت النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فذكرت له قولهما،

فلم يجعل لها نفقة إلاّ أن تكون حاملا،

واستأذنته في الانتقال،

فأذن لها فقالت : أين أنتقل يا رسول اللّه ؟

قال : (عند إبن أُمّ مكتوم) وكان أعمى،

تضع ثيابها عنده ولا يراها،

فلم تزل هنالك حتى مضت عدّتها،

فأنكحها النبي (صلى اللّه عليه وسلم) أُسامة ابن زيد،

فأرسل إليها مروان بن الحكم قبيصة بن ذؤيب يسألها عن هذا الحديث،

فقال مروان : لم نسمع هذا الحديث إلاّمن امرأة،

سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها،

فقالت فاطمة حين بلغها قول إبن مروان : بيني وبينكم القرآن،

قال اللّه تعالى : {تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ} إلى قوله {لَعَلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْدَ ذلك أَمْرًا} قالت : هذا لمن كانت له مراجعة،

فأيّ أمر يحدث بعد الثلاث؟

﴿ ١