١٧{لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لنختبرهم كيف شكرهم فيما خوّلوا وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء بن رياح والضحاك وقتادة وعبيد بن عمير وعطية ومقاتل والحسن، قال : كان واللّه أصحاب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) سامعين للّه مطيعين فتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر، ففتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه يعني عثمان بن عفان. ودليل هذا التأويل قوله سبحانه وتعالى : {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التوراة والإنجيل وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ كَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم} وقوله سبحانه : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَآءِ والأرض} وقوله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياةً طَيِّبَةً} وقوله تعالى : {فقلت استغفروا ربكم إنّه كان غفّاراً يرسل السماء عليكم مدراراً} الآيات. وقال آخرون : معناها وأن لو استقاموا على طريقة الكفر والضلالة وكانوا كفّاراً كلهم لأعطيناهم مالا كثيراً ولوسّعنا عليهم لنفتنهم فيه عقوبة لهم واستدراجاً، حتّى يفتنوا فيعذبهم. وهذا قول الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلبي والثمالي ويمان بن رباب وابن كيسان وابن مجلد، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه : {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ} وقوله سبحانه وتعالى : {وَلَوْ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن} . وقوله سبحانه : {وَلَوْ بَسَطَ اللّه الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِى الأرض} . وقوله سبحانه وتعالى : {كلاّ إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى}. {وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ} قرأ أهل الكوفة ويعقوب وأيوب بالياء وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد. وقرأ مسلم بن جندب : نُسلكه بضم النون وكسر اللام. وقرأ الآخرون بفتح النون وضم اللام وهما لغتان سلك واسلك بمعنى واحد أي يدخله. {عَذَابًا صَعَدًا} قال ابن عباس : شاقاً. السدي : مشقة. قتادة : لا راحة فيه. مقاتل : لا فرج فيه. الحسن : لا يزداد إلاّ شدّة. ابن زيد : متعباً. والأصل فيه أن الصعود يشقّ على الإنسان، ومنه قول عمر : ما تصعدني شيء ما تصعد في خطبة النكاح، أي ما شقّ عليّ. وقال عكرمة : هو جبل في النار. وقال الكلبي : يكلّف الوليد بن المغيرة أن يصعد في النار جبلا من صخرة ملساء حتّى يبلغ أعلاها يجذب من أمامه بالسلاسل، ويضرب بمقامع الحديد حتّى يبلغ أعلاها ولا يبلغه في أربعين سنة، فإذا بلغ أعلاها أجر إلى أسفلها، ثمّ يكلف أيضاً صعودها فذلك دأبه أبداً، وهو قوله : {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} . |
﴿ ١٧ ﴾