١٧-١٨{وسيجنّبها الأتقى الذي يوتي ماله يتزكى} قال أهل المعاني : أراد الشقي والتقي، كقول طرفة : تمنى رجال أن أموت، فإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد أي بواحد. أخبرني الحسين قال : حدّثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي قال : حدّثنا عبدالرحمن ابن محمد بن عبداللّه المقري قال : حدّثنا جدّي قال : حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن سالم. وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن يوسف قال : حدّثنا ابن عمران قال : حدّثنا أبو عبيداللّه المخزومي قال : حدّثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنّ أبا بكرح اعتق من كان يعذّب في اللّه : بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وبنتها وزنيرة وأم عميس وأمة بني المؤمّل. فأما زنيرة فكانت رومية وكانت لبني عبدالدار، فلمّا أسلمت عميت، فقالوا : أعمتها اللاتِ والعزى. فقالت : هي تكفر باللات والعزى، فردّ اللّه إليها بصرها، ومرّ أبو بكر بها وهي تطحن وسيّدتها تقول : واللّه لا أعتقك حتى يعتقك صُباتك، فقال أبو بكر فحلى إذاً يا أم فلان فبكمْ هي إذاً؟ قالت : بكذا وكذا أوقية، قال : قد أخذتها، قومي، قالت : حتى أفرغ من طحني. وأما بلال فاشتراه، وهو مدفون بالحجارة، فقالوا : لو أبيت إلاّ أوقية واحدة لبعناك، فقال أبو بكر : لو أبيتم إلاّ مائة أوقية لأخذته، وفيه نزلت يعني أبا بكر، {وسيُجنَّبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى} إلى آخرها، وأسلم وله أربعون ألفاً فأنفقها كلّها، يعني أبا بكر. وأنبأني عبداللّه بن حامد قال : أخبرني أبو سعيد الحسن بن أحمد بن جعفر اليزدي قال : أخبرنا أبو محمد عبداللّه بن محمد بن أبي عبدالرحمن المقري قال : حدّثنا سفيان، عن عتبة قال : حدّثني من سمع ابن الزبير على المنبر وهو يقول : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، قال : (إنما أريد ما أُريد) فنزلت فيه {وسيُجنَّبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى} إلى آخر السورة، وكان اسمه عبداللّه بن عثمان. عن عطاء، عن ابن عباس، في هذه الآية أن بلالا لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلح عليها، وكان المشركون وكلوا امراة تحفظ الأصنام، فأخبرتهم المرأة، وكان بلال عبداً لعبداللّه ابن جدعان، فشكوا إليه، فوهبه لهم ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء، وهو يقول : أحداً أحد، فمرّ به النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فقال : ينجيك أحد أحد، ثم أخبر رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) أبا بكر أن بلالا يعذَّب في اللّه، فحمل أبو بكر رطلا من ذهب فابتاعه به. وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أُمية بن خلف قال لإبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعه؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس، وكان نسطاس عبداً لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجواري ومواشي، وكان مشركاً (وحمله) أبو بكر على الإسلام على أن يكون (له) ماله، فأبى فأبغضه أبو بكر، فلمّا قال له أُمية : أتبيعه بغلامك نسطاس؟ اغتنمه أبو بكر وباعه به، فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ذلك لبلال إلاّ ليد كانت لبلال عنده، فأنزل اللّه سبحانه |
﴿ ١٨ ﴾