٥-٧

{الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} قال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ إذا غاب الناس ويصلونها في العلانية إذا حضروا. بيانه قوله سبحانه : {وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس} الآية،

مجاهد : لاهون غافلون عنها متهاونون بها،

وقال قتادة : ساه عنها لا يبالي صلى أم لم يصل.

وأخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال : حدّثنا أبو كريب قال : حدّثنا معاوية بن هشام عن شيبان النحوي عن جابر الجعفي قال : حدّثني رجل عن أبي بردة الأسلمي قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لما نزلت هذه الآية {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} : (اللّه أكبر هذه خير لكم من أن لو أعطى كل رجل منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلواته وأن تركها لم يخف ربه) وبه عن ابن جرير قال : حدّثني أحمد بن عبد عبد الرحيم البرقي قال : حدّثنا عمرو بن أبي مسلمة قال سمعت عمر بن سليمان يحدّث عن عطاء بن دينار أنه قال : الحمد للّه الذي قال : و {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} ولم يقل في صلاتهم،

الحسن : هو الذي إن صلاّها صلاها رياء وأن فاتته لم يندم،

أبو العالية : لا يصلونها لمواقيتها ولا يتمّون ركوعها ولا سجودها،

وعنه أيضاً : هو الذي إذا سجد قال برأسه هكذا وهكذا ملتفتاً،

الضحاك : هم الذين يتركون الصلاة. {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} أخبرنا أبو بكر الجمشادي حدّثنا أبو بكر القطيعي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن مسلم قال : حدّثنا أبو عمر الضرير قال : حدّثنا أبو عوانة عن إسماعيل السهمي عن أبي صالح عن عليح {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قال : هي الزكاة،

وإليه ذهب ابن عمر والحسن وقتادة وابن الحنفية والضحاك.

وأخبرنا الجمشادي قال : أخبرنا العطيفي قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن مسلم قال : حدّثنا أبو عمر الضرير قال : حدّثنا حماد عن عاصم عن زر عن عبد اللّه في الماعون قال : الفاس والدلو والقدر وأشباه ذلك وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس،

مجاهد عنه : هو العارية ومتاع البيت،

عطية عنه : هو الطاعة،

محمد بن كعب والكلبي : الماعون المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم،

سعيد بن المسيب والزهري ومقاتل : الماعون : المال بلغة قريش،

قال الأعشى :

بأجود منه بماعونه

إذا ما سماؤهم لم تغم

وأخبرنا محمد بن عبدوس في آخرين قالوا : حدّثنا محمد بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن الجهم قال : حدّثنا الفراء قال : سمعت بعض العرب يقول : الماعون هو الماء،

وأنشدني فيه :

يمج صَبيْرة الماعون صباً

والصبير : المنجاب.

وقال أبو عبيد والمبرد : الماعون في الجاهلية : كلّ منفعة وعطية وعارية،

وهو في الإسلام : الطاعة والزكاة،

قال حسان بن قحافة : لا يحرم الماعون منه الخابطاً،

ويقول العرب : (ولقد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعاً) تعطيك الماعون،

أي الطاعة والإنقياد،

قال الشاعر :

متى يجاهدهن بالبرين

يخضعن أو يعطين بالماعون

وحكى الفراء أيضاً عن بعضهم أنه قال : ماعون من الماء المعين،

وقال قطرب : أصل الماعون من القلّة،

يقول العرب : ماله سعنة ولا معنة أي شيء قليل،

فسمّى الزكاة والصدقة والمعروف ماعوناً،

لأنه قليل من كثير،

وقيل : الماعون ما لا يحل منعه مثل الماء والملح والنار،

يدلّ عليه ما أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا عمرو بن مرداس قال : حدّثنا محمد بن بكر قال : حدّثنا عثمان بن مطر عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيّب عن عائشة أنّها قالت : يا رسول اللّه ما الذي لا يحلّ منعه قال : (الماء والملح والنار).

فقالت : يارسول اللّه هذا الماء فما بال النار والملح؟

فقال لها : يا حميراء (من أعطى ناراً فكأنما تصدّق بجميع ما طبخ بذلك النار،

ومن أعطى ملحاً فكأنما تصدق بجميع ما طيّب بذلك الملح،

ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق (ستين نسمة)،

ومن سقى شربه ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما إحيا نفساً) قال الراعي :

قومٌ على الاسلام لمّا يمنعوا

ماعونهم ويمنعوا التهليلا

﴿ ٥