سورة النصر

مدنيّة وهي سبعة وتسعون حرفاً،

وست عشر كلمة،

وثلاث آيات

أخبرني أبو الحسين الحياري عن مرة قال : أخبرنا الإمام أبو بكر الإسماعيلي الجرجاني وأبو الشيخ الحافظ الأصبهاني قالا : حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي شريك قال : حدّثنا أبو عبد اللّه اليربوعي قال : حدّثنا سلام قال : حدّثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) (من قرأ سورة الفتح فكأنما شهد مع محمد فتح مكّة).

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

{إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللّه} على من عاداك وناوءك {وَالْفَتْحُ} قال يمان : فتح المدائن والقصور،

وقال عامة المفسرين : فتح مكة،

وكانت قصته على ماذكره محمد بن إسحاق بن بشار والعلماء من أصحاب الأخبار : أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) لما صالح قريش عام الحديبية كان فيما أشترطوا أنه من أحب أن يدخل في عهد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وعقده دخل فيه،

ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه،

فدخلت بنو بكر في عقد قريش ودخلت خزاعة في عقد رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وكان بينهما شرّ قديم،

وكان السبب الذي هاج ما بين بكر وخزاعة أن رجلا من يلحضرمي يقال له مالك بن عماد خرج تاجراً،

فلما توسّط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه،

فعدت خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزين الديلي وهم من أشراف بكر فقتلوه بعرفة عند أنصاب الحرم،

فبينا بكر وخزاعة على ذلك من الشر حجز بينهم الإسلام وتشاغل الناس به،

فلما كان صلح الحديبيّة ووقعت تلك الهدنة أغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم بأؤلئك النفر الذين أصابوا منهم بني الأسود بن رزين،

فخرج نوفل بن معونة الديلي في بني الديل،

وهو يومئذ قائدهم حتى بيّت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم بأسفل مكة ،

فأصابوا منهم رجلا وتحاوروا واقتتلوا،

ورفدت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفياً حتى جاوزوا خزاعة الى الحرم،

وكان ممن أعان من قريش بني بكر على خزاعة ليلتين بأنفسهم مشتكرين صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو ومع عبيدهم قالوا : فلما أنتهوا الى الحرم قالت بنو بكر :

يانوفل إنا دخلنا الحرم،

إلهك الهك،

فقال كلمة عظيمة : أنه لا إله اليوم (يا بني بكر) أصيبوا ثأركم فيه فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه.

فلما دخلت خزاعة مكة لجأوا الى دار بديل بن ورقاء الخزاعي ودار مولى لهم يقال له رافع،

فلما تظاهرت قريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما بينهم وبين رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) من العهد لما أستحلّوا من خزاعة،

وكانوا في عقدة،

خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) وكان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف عليه وهو في المسجد جالس بين ظهراني الناس فقال لهم : إني بايعت محمداً وذكر الأبيات كما ذكرها في سورة التوبة الى قوله :

هم بيتونا بالوتير هجّدا

فقتلونا ركعاً وسجدا

فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) قد نصرت ياعمرو بن سالم،

ثم عرض لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) عنان من السماء فقال : (إن هذه السحابة لتستهلّ بنصر بني كعب) (وأمر رسول اللّه الناس بالجهاز وكتمهم مخرجه)).

وقد قال حسن : بلغه إسلام أم هاني بنت أبي طالب وأسمها هند :

أشاقتك هند أم ناك سؤالها

كذاك النوى أسبابها وأنفتالها

القصيدة.

قال ابن إسحاق،

وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف من بني غفار أربعمائة ومن أسلم أربعمائة ومن مزينة ألف ومن بني سلم سبعمائة ومن جهينة ألف وأربعمائة رجل وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس واسد.

قالوا : وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان وأقام رسول اللّه (صلى اللّه عليه وسلم) بمكة بعد فتحها خمس عشر ليلة يقصر الصلاة،

ثم خرج الى هوازن وثقيف وقد نزلوا حنين.

﴿ ١