٣٣من آثار العناية بآدم عليه السلام أنَّه لمَّا قال للملائكة : ( أنبئوني ) دَاخَلَهُم من هيبة الخطاب ما أخذهم عنهم ، لا سيما حين طالَبَهم بإنبائهم إياه ما لم تُحِطْ به علومهم . ولما كان حديث آدم عليه السلام ردَّه في الإنباء إليهم فقال :{ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ } ومخاطبة آدم عليه السلام الملائكة لم يوجب له الاستغراق في الهيبة . فلما أخبرهم آدم عليه السلام بأسماء ما تقاصرت عنها علومهم ظهرت فضيلته عليهم فقال : { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ } يعني ما تقاصرت عنه علوم الخَلْق ، وأعلم ما تبدون من الطاعات ، وتكتمون من اعتقاد الخيرية على آدم عليه السلام والصلاة . فصل : ولمَّا أراد الحق سبحانه أن يُنَجِيَ آدمَ عصمهِ ، وعلَّمه ، وأظهر عليه آثار الرعاية حتى أخبر بما أخبر به ، وحين أراد إمضاء حكمه فيه أدخل عليه النسيان حتى نَسِيَ في الحضرة عهده ، وجاوز حدَّه ، ف قال اللّه تعالى :{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } [ طه : ١١٥ ]فالوقت الذي ساعدته العناية تقدم على الجملة بالعلم والإِحسان ، والوقت الذي أمضى عليه الحكم ردَّه إلى حال النسيان والعصيان ، كذا أحكام الحق سبحانه فيما تجري وتمضي ، ذلَّ بحكمه العبيد ، وهو فعَّال لما يريد . فصل : ولمَّا توهموا حصول تفضيلهم بتسبيحهم وتقديسهم عرَّفهم أن بِساط العز مقدس عن التجمل بطاعة مطيع أو التدنس بزلة جاحد عنيد ، فَرَدُّهم إلى السجود لآدم أَظهرَ الغَنَاء عن كل وفاق وخلاف . |
﴿ ٣٣ ﴾