١٦٠

المؤمنون نصرته لهم بالتوفيق للأشباح ثم بالتحقيق للأرواح .

ويقال ينصركم اللّه بتأييد الظواهر وتسديد السرائر .

ويقال للنصرة إنما تكون على العدو ، وأعدى عدوك نَفْسُكَ التي بين جنبيك . والنصرة على النَّفْس بأن تهزم دواعي مُنَّتِها بعواصم رحمته حتى تَنْفَضَّ جنود الشهوات بهجوم وفود المنازلات فتبقى الولاية للّه خالصةً من شبهات الدواعي التي هي أوصاف البشرية ، وشهوات النفوس وأمانيها ، التي هي آثارالحجبة وموانع القربة .

{ وَإِن يَخْذُلْكُمْ } الخذلان التخلية مع المعاصي ، فَمَنْ نَصَرَه قبض على يديه عن تعاطي المكروه ، ومن خَذَلَه أَلقى حَبْله على غاربه ، وَوَكَلَه إلى سوء اختياره ، فيفترق عليه الحال في أودية الشهوات ، فمرة يُشَرِّق غير محتشِم ، وتارة يُغَرِّب غير مُحترِم ، ألا ومن سبَّبه الحق فلا آخذ بيده ، ومن أسلمه فلا مجيرَ له .

{ وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ } : في وجدان الأمان عند صدق الابتهال ، وإسبال ثوب العفو على هناة الجُرْم عند خلوص الالتجاء ، بالتبري من المنَّة والحول .

ويقال لما كان حديث النصرة قال : { فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } ، ولما كان حديث الخذلان لم يقل ( فلا ناصر لكم ) بل قال بالتلويح والرمز : { فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُمْ مِّن بَعْدِهِ } : وفي هذا لطيفةٌ في مراعاة دقائق أحكام الخطاب .

﴿ ١٦٠